أولا: لو كان النبي الأكرم هو الآمر بالقبض فما معنى قوله: " كان الناس يؤمرون "؟ أو ما كان الصحيح عندئذ أن يقول: كان النبي يأمر؟ أوليس هذا دليلا على أن الحكم نجم بعد ارتحال النبي الأكرم حيث إن الخلفاء وأمراءهم كانوا يأمرون الناس بالقبض بتخيل أنه أقرب للخشوع؟ ولأجله عقد البخاري بعده بابا باسم باب الخشوع. قال ابن حجر: الحكمة في هذه الهيئة أنه صفة السائل الذليل، وهو أمنع عن العبث وأقرب إلى الخشوع، كان البخاري قد لاحظ ذلك وعقبه بباب الخشوع.
وثانيا: إن في ذيل السند ما يؤيد أنه كان من عمل الآمرين، لا الرسول الأكرم نفسه حيث قال:
قال إسماعيل: " لا أعلمه إلا ينمى ذلك إلى النبي " بناء على قراءة الفعل بصيغة المجهول.
ومعناه أنه لا يعلم كونه أمرا مسنونا في الصلاة غير أنه يعزى وينسب إلى النبي، فيكون ما يرويه سهل بن سعد مرفوعا.
قال ابن حجر: ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي: ينميه، فمراده:
يرفع ذلك إلى النبي (1).
هذا كله إذا قرأناه بصيغة المجهول، وأما إذا قرأناه بصيغة المعلوم، فمعناه أن سهلا ينسب ذلك إلى النبي، فعلى فرض صحة القراءة وخروجه بذلك من الارسال والرفع، يكون قوله: " لا أعلمه إلا... " معربا عن ضعف العزو والنسبة وأنه سمعه عن رجل آخر ولم يسم.