وأما على التقدير الثاني، فإن تلك الفقرة وإن كانت ناظرة لحال الطلاق الثالث، وساكتة عن حال الطلاقين الأولين، لكن قلنا إن بعض الآيات، تدل على أن مضمونها من خصيصة مطلق الطلاق، من غير فرق بين الأولين والثالث فالمطلق يجب أن يتبع طلاقه بأحد أمرين:
1 - الامساك بمعروف.
2 - التسريح بإحسان.
فعدم دلالة الآية الأولى على خصيصة الطلاقين الأولين، لا ينافي استفادتها من الآيتين الماضيتين (1). ولعلهما تصلحان قرينة لإلقاء الخصوصية من ظاهر الفقرة * (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * وإرجاع مضمونها إلى مطلق الطلاق ولأجل ذلك قلنا بدلالة الفقرة على لزوم اتباع الطلاق بأحد الأمرين على كلا التقديرين، وعلى أي حال فسواء كان عنصر الدلالة نفس الفقرة أو غيرها - كما ذكرنا - فالمحصل من المجموع هو كون اتباع الطلاق بأحد أمرين من لوازم طبيعة الطلاق الذي يصلح للرجوع.
ويظهر ذلك بوضوح إذا وقفنا على أن قوله: * (فبلغن أجلهن) * من القيود الغالبية، وإلا فالواجب منذ أن يطلق زوجته، هو القيام بأحد الأمرين، لكن تخصيصه بزمن خاص وهو بلوغ آجالهن، هو لأجل أن المطلق الطاغي عليه غضبه وغيظه، لا تنطفئ سورة غضبه فورا حتى تمضي عليه مدة من الزمن تصلح فيها، لأن يتفكر في أمر زوجته ويخاطب بأحد الأمرين، وإلا فطبيعة الحكم الشرعي * (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * تقتضي أن يكون حكما سائدا