تقديم بقلم:
سماحة آية الله السيد علي الحسيني الميلاني بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين وبعد، فإن العقائد أهم مطالب الدين وأشرف مسائل المسلمين، لا سيما الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ بالإمام يعبد الله عز وجل، ومنه تؤخذ معالم الدين.
وعقيدتنا أن النبي صلى الله عليه وآله قد أوصى بالإمامة ونص على أن الإمام من بعده علي بن أبي طالب عليه السلام. أما مخالفونا فقد حاولوا أن يبرروا الأمر الواقع بعد وفاته صلى الله عليه وآله فاضطربوا وتحيروا، فمنهم من ذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وآله لم ينص على أحد ومات بغير وصية كالقاضي العضدي والتفتازاني وغيرهما. ومنهم من زعم أنه نص وأوصى، واختلف هؤلاء بين قائل بأنه كان نصا جليا، وقائل بأنه كان نصا خفيا، وقد أغرب ابن تيمية بقوله إن النبي صلى الله عليه وآله نص بالوصية على خلافة أبي بكر، ولكن خفي عليه، وعلى ابنته، وعلى عمر، وعلى سائر المهاجرين والأنصار! (منهاج السنة: 1 / 498).
فلما رأوا أن هذه الدعاوى لا تقنع ولا تصلح لتبرير ما وقع، عمدوا إلى استعمال القوة ضد الشيعة، محاولين القضاء على مذهب أهل البيت عليهم السلام بالقضاء على أتباعه! بل تصدوا إلى كل من روى حديثا في صالحهم من غيرهم، كما فعلوا بالنسائي والحاكم النيسابوري، وابن السقا الواسطي، وأمثالهم من أئمتهم.
كما وضعوا كتبا للتهجم على الشيعة والتشيع وأكثروا، وسلكوا فيها كل الطرق للرد على هذا المذهب وأنصاره، والصد عن تقدمه وانتشاره! فكم من رواية اختلقوا، وكم من حقيقة كتموا أو حرفوا!
وقد قابل ذلك علماء هذه الطائفة بالصبر والتحمل، ولم تثن عزائمهم التهجمات ولا السياط والسجون، حتى استشهد منهم الكثير!