ماديا، يتسلسل من الجد لحفيده، وأشياء غير مادية تملك اللب والقلب، فالرؤية متعة والسماع نعمة. والجوار - مجرد الجوار - تأديب وتربيب.. وفي كل أولئك طرائق قاصدة إلى الجنة.
وصاحب المجلس طهر كله، لا يتحدث عن جده إلا على الطهارة، يقول: الوضوء شطر الإيمان، ومن أجل ذلك لم يعد الوضوء عنده أو في مذهبه مجرد وسيلة لغيره أي للصلاة بل أمسى مستحبا لذاته كالصلاة المستحبة يتهيأ به المتوضئ لدخول المساجد وقراءة القرآن بل الزوجان ليلة زفافهما والمسافر إلى أهله والقاضي ليجلس للقضاء والإمام الذي يفتي أو يعلم.
إلى أن قال:
تعلم مالك الكثير من السلوك على الإمام جعفر، فكان إذا حدث لا يحدث إلا على الطهارة ويحمي مجلسه ممن يخرجونه عن قصده، كما يكرم تلامذته، بل صار إماما لليسر الذي تتمثل فيه خصائص المدينة، وأمسى عنوانا على العلم، فإذا خاصم السلطة خاصمها من أجل النزاهة العلمية فحسب. وفي منهجه الاحتفال الكامل بالواقع. وفي طريقته العمل للرزق، حتى لا يحتاج لأحد، مما يعبر عن اقتداء كامل بالإمام الصادق.
وكهيئة الإمام الصادق لم يجار فقهاء العراق في قولهم أرأيت أرأيت. أي افتراض الفروض واستباق الحوادث وإبداء الرأي فيما لم يحدث حتى سماهم خصومهم (الأرأيتيين).
إلى أن قال في ص 161:
ولقد يدخل الإمام المسجد فيقدم إليه تلميذ من تلاميذه ابن أبي ليلى قاضي الكوفة. فيقول الإمام: أنت ابن أبي ليلى القاضي؟ ويجيب: نعم. فينبهه الإمام على جلال خطر القضاء بقوله: تأخذ مال هذا وتعطيه هذا وتفرق بين المرء وزوجه