ط القاهرة) قال:
عن شقيق البلخي قال: خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسية فبينما أنا أنظر إلى الناس وزينتهم وكثرتهم نظرت فتى حسن الوجه فوق ثيابه ثوب صوف مشتملا بشملة وفي رجليه نعلان وقد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنه، فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم.
وتركني ومضى فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عظيم قد تكلم على ما في نفسي ونطق باسمي ما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسئلنه أن يحللني، فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عن عيني فلما أنزلنا واقصة إذا به يصلي وأعضائه تضطرب ودموعه تجري فقلت هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه، فلما رآني مقبلا.
قال: يا شفيق اقرأ: وإني غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، ثم تركني ومضى فقلت إن هذا الفتى لمن الأبدال قد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا إلى منى إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول:
أنت ربي إذا ظمئت إلى الماء * وقوتي إذا أردت الطعاما اللهم أنت تعلم يا إلهي وسيدي مالي سواها فلا تعدمني إياها قال شقيق رضي الله تعالى عنه: فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع مائها فمد يده وأخذ الركوة وملائها ماء وتوضأ وصلى أربع ركعات ثم مال إلى كثيب من رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعمة الله تعالى علينا