فلما كان المغرب حرمت عليه، فلما كان العشاء حلت له.
فقال الرشيد: فقد أوقعتني في بحر لا يخلصني منه غيرك.
فقال الأعرابي: أنت أمير المؤمنين وليس أحد فوقك ولا ينبغي أن تعجز عن شئ، فكيف تعجز عن مسئلتي، فقال الرشيد: لقد عظم قدرك العلم ورفع ذكرك، فأريد أن تفسر إلي ما ذكرت إكراما لي ولهذا البيت الشريف. فقال:
الأعرابي: حبا وكرامة.
أما قولي لك في رجل: نظر إلى امرأة وقت الصبح، فكانت عليه حراما، فهذا رجل نظر إلى أمة غيره فهي حرام، فلما كان الظهر اشتراها فحلت له، فلما كان العصر أعتقها فحرمت عليه، فلما كان المغرب تزوجها فحلت له، فلما كان العشاء طلقها فحرمت عليه، فلما كان الفجر راجعها فحلت له، فلما كان الظهر ارتد عن الاسلام فحرمت عليه، فلما كان العصر استتيب فرجع فحلت له، فلما كان المغرب ارتدت هي فحرمت عليه، فلما كان العشاء استتيب فرجعت فحلت له.
قال: فتعجب الرشيد وفرح به واشتد عجبه ثم أمر بعشرة آلاف درهم، فلما حضرت قال: لا حاجة لي بها ردها إلى أصحابها قال: فهل تريد أن أجري لك جراية تكفيك مدة حياتك قال: الذي أجرى عليك يجري علي قال: فإن كان عليك دين قضيناه، فلم يقبل منه شيئا ثم أنشأ يقول:
هب الدنيا تؤاتينا سنينا * فتكدر تارة وتلذ حينا فما أرضى بشئ ليس يبقى * وأتركه غدا للوارثينا كأني بالتراب علي يحثى * وبالإخوان حولي نائحينا ويوم تزفر النيران فيه * وتقسم جهرة للسامعينا وعزة خالقي وجلال ربي * لأنتقمن منكم أجمعينا فلما فرغ من إنشاده تأوه الرشيد وسأل عنه وعن أهله وبلاده، فأخبروه