وبكى وقال: وا حزناه، إن قيصر وكسرى لفي السندس والحرير، وابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عليها شملة صوف خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا، فلما دخلت فاطمة (عليها السلام) على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: يا رسول الله! إن سلمان تعجب من لباسي، فوالذي بعثك بالحق ما لي ولعلي منذ خمس سنين إلا مسك (1) كبش، نعلف (2) عليها بالنهار بعيرنا فإذا كان الليل افترشناه، وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف (3)، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
يا سلمان! (إن) ابنتي لفي الخيل السوابق، ثم قالت: يا أبت! فديتك ما الذي أبكاك؟ فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدمتين، قال:
فسقطت فاطمة عليها السلام على وجهها وهي تقول: الويل ثم الويل لمن دخل النار، فسمع سلمان فقال: يا ليتني كنت كبشا لأهلي فأكلوا لحمي ومزقوا جلدي ولم أسمع بذكر النار! وقال أبو ذر: يا ليت أمي كانت عاقرا ولم تلدني ولم أسمع بذكر النار! وقال عمار: يا ليتني كنت طائرا في القفار (4) ولم يكن علي حساب ولا عقاب ولم أسمع بذكر النار! فقال علي عليه السلام:
يا ليت السباع مزقت لحمي وليت أمي لم تلدني ولم أسمع بذكر النار! ثم وضع علي عليه السلام يده على رأسه وجعل يبكي ويقول: وا بعد سفراه! وا قلة زاداه! في سفر القيامة يذهبون، وفي النار يترددون، وبكلاليب (5) النار يتخطفون (6)، مرضى لا يعاد سقيمهم، وجرحى لا يداوى جريحهم، وأسرى لا يفك أسيرهم، من النار يأكلون ومنها يشربون، وبين أطباقها يتقلبون، وبعد لبس القطن والكتان مقطعات النار يلبسون، وبعد معانقة الأزواج مع الشياطين مقرنون) (7)، وإنما ذكرنا الخبر بتمامه لما فيه من الفوائد التي تناسب