في الآخرة والآخرة محيطة بالدنيا إذا كانت النقلة من الحياة إلى الموت ظاهرة وكانت الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون، وذلك إن الدنيا نقلة والآخرة حياة ومقام مثل ذلك النائم (١)، وذلك أن الجسم ينام والروح لا تنام والبدن يموت والروح لا تموت، قال الله عز وجل: ﴿وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون﴾ (٢)، والدنيا رسم الآخرة والآخرة رسم الدنيا وليس الدنيا الآخرة ولا الآخرة الدنيا، إذا فارق الروح الجسم يرجع كل واحد منهما إلى مأمنه بدأ وما منه خلق، وكذلك الجنة والنار موجودة في الدنيا وفي الآخرة موجودة، لأن العبد إذا مات صار في دار في الأرض: أما روضة من رياض الجنة وأما بقعة من بقاع النار، وروحه إلى إحدى دارين: إما في دار نعيم مقيم لا يموت فيها، وإما في دار عذاب أليم لا يموت فيها، والرسم لمن عقل موجود واضح، وقد قال الله تعالى: ﴿كلا لو تعلمون عليم اليقين، لترون الجحيم، ثم لترونها عين اليقين، ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم﴾ (٣)، وعني الكافر، فقال:
إنهم كانوا في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا (٤)، ولو علم الإنسان علم ما هو فيه مات خوفا من الموت ومن نجا فبفضل اليقين، قال:
فأخبرني عن قوله تعالى: ﴿وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ (5)، فإذا طويت السماء وقبضت الأرض فأين تكون الجنة والنار، وهما فيهما؟ قال: فدعا بدواة قرطاس ثم كتب فيه: الجنة والنار، ثم درج القرطاس ودفعه إلى النصراني وقال: أليس قد طويت هذا القرطاس؟ قال: نعم، قال عليه السلام: فافتحه، قال: ففتحه، قال: هل ترى آية النار وآية الجنة أمحاهما طي القرطاس؟