الأول: أن يكون المراد أن سلمان من جنس أهل البيت، أي من المتبوعين لعصمته وكونه من سلسلة الأوصياء وممن وجب عليه الأداء والتبليغ، وفرض على الناس طاعته ومتابعته ومعرفته، ولا ينافي ذلك كونه تابعا لغيره إذ يكفي فيه ذلك قبل لقائه النبي صلى الله عليه وآله، كيف ولو فرض أو أحدا من الأنبياء كان في عصره صلى الله عليه وآله لوجب عليه طاعته ولو كان من المرسلين ومن أولي العزم واليقين، كما يتحقق ذلك في ظهور القائم عليه السلام ونزول عيسى ومتابعته إياه بالنص الصريح والخبر الصحيح، ورأيت حديثا حاصله: لا ينفع لعيسى وموسى نبوتهما إن كانا في هذا الزمان، وشهد لذلك زيادة على ما مر من استظهار وصايته، ما رواه الكشي في حديث يأتي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لأبي ذر: (إن سلمان باب الله في الأرض، من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا، وإن سلمان منا أهل البيت) (1)، وهذا المقام مختص بحجج الله في الأرض من الأنبياء والأوصياء.
ويؤيده أيضا ما في تفسير الإمام عليه السلام عند قوله تعالى: [وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا - الآية]: قال الإمام عليه السلام: (قال موسى بن جعفر عليهما السلام: وإذا لقى هؤلاء الناكثون للبيعة الموطئون (2) على مخالفة علي عليه السلام ودفع الأمر عنه، الذين آمنوا قالوا آمنا كإيمانكم وإذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمار قالوا لهم: آمنا بمحمد وسلمنا له بيعة علي وفضله وأنقذنا لأمره كما آمنتم، فإن أولهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا: هؤلاء أصحاب الساحر والأهوج - يعنون محمدا وعليا -، ثم يقول بعضهم لبعض:
احترزوا منهم لا يفقهون من فلتات كلامهم (3) على كفر محمد فيما قاله في علي عليه السلام فينموا عليكم فيكون فيه هلاككم، فيقول أولهم: أنظروا إلي كيف أسخر منهم وأكف عاديهم عنكم، فإذا التقوا قال أولهم: مرحبا بسلمان بن