معنى قوله صلى الله عليه وآله: (علي مني وأنا منه)، حيث قال في العمدة بعد أن ذكر في معنى (من) وجوها أربعة وهي: الابتداء والتبعيض والزائدة ومبين الجنس، وأبطل ثلاثة منها: (وأما الوجه الرابع وهو كونها لتبيين الجنس، فهو المراد بقوله صلى الله عليه وآله من دون ساير الأقسام، فيكون قوله صلى الله عليه وآله: (مني) من جنسي في التبليغ والأداء، ووجوب فرض الطاعة - إلى آخر ما ذكره) (1)، والإنصاف أن ما ذكره من إبطال الوجه الثاني: وهو كونها للتبعيض في غير محله، فإنه حمل التبعيض على التبعيض الحقيقي فجعل بطلانه ضروريا، مع أن الظاهر من تلك العبارة كونها في مقام المبالغة، وأن المراد من التبعيض هو التبعيض الادعائي مبالغة في اتحادهما في الأمور التي يحتمل اختصاصها به صلى الله عليه وآله، ومثلها قوله صلى الله عليه وآله:
(فاطمة بضعة مني)، وقولهم: فلان فلذة كبدي، فإن حملها على المعنى الحقيقي ضروري البطلان، فيتعين ما ذكرنا، ثم إن للحديث معان أخر ليس هنا مقام ذكرها.
الثاني: أن يكون المراد: إن سلمان من طينتنا أهل البيت، أي خلق منها، ويشهد لذلك ما يأتي عن الاختصاص عن ابن نباته إنه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن سلمان فقال: (ما أقول في رجل خلق من طينتنا، وروحه مقرونة بروحنا - الخبر) (2)، ومنه يظهر إنه خارج عن طبقة التابعين بعد ما كانت طينته من طينة المتبوعين، وإن كان تابعا لهم بالضرورة من المذهب.
ويدل على كونه من سلسلة المتبوعين ما رواه الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار (3) في الباب الثاني عشر من الجزء الأول من البصائر الصغير عن