قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلع ربقة الإسلام من أعناقهم (1) التي (أوجبها الله تعالى عليهم، وذكرها في كتابه) (2): * (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) * (3) يعني الولاية، فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان.
فقلنا: يا ابن رسول الله كرمنا وفضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.
قال: إن الله عز وجل أدار (4) في القائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل:
قدر مولده بقدر (5) موسى (عليه السلام).
وقدر غيبته بقدر غيبة عيسى (عليه السلام).
وقدر إبطائه بقدر إبطاء نوح (عليه السلام).
وجعل (6) من بعد ذلك عمر العبد الصالح الخضر (7) (عليه السلام) دليلا على عمره.
فقلنا: اكشف لنا يا ابن رسول الله وجوه (8) هذه المعاني.
قال: أما مولد موسى (عليه السلام): فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أحضر (9) الكهنة، فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل، فلم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل، حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السلام)، لحفظ (10) الله عز وجل إياه.