ما يدعيه نوح حقا، لما وقع في وعد ربه خلف.
ثم إن الله عز وجل لم يزل يوعده ويأمره عند كل مرة أن يغرسها تارة بعد أخرى، إلى أن غرسها سبع مرات.
فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد (1) منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عادت إلى نيف وسبعين رجلا، فأوحى الله عز وجل عند ذلك إليه وقال: يا نوح! الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين (2) صرح (3) الحق عن محضه وصفا (4) من الكدر، بارتداد كل من (كان من طينة) (5) خبيثة. فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك، لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك واعتصموا بحبل نبوتك، بأني (6) أستخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم (7) وأبدل خوفهم بالأمن، لكي تخلص (8) العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم. وكيف يكون الاستخلاف و [التمكين، وبدل الخوف بالأمن] (9) مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا لخبث طينتهم، وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وسنوخ (10) الضلالة.