وأودية وذكوات (1)، وقد كان والدي (2) وجد في الكتب التي قرأها أن مجرى النهر في ذلك الموضع، فأقمنا في تلك البقعة أياما حتى فني الماء الذي كان (3) معنا وأسقيناه جمالنا. ولولا اللبن الذي نحلبه من الجمال لهلكنا. وكان والدي يطوف في تلك البقعة في طلب النهر (4)، ويأمرنا أن نوقد نارا ليهتدي بها إذا أراد الرجوع إلينا.
فمكثنا على ذلك أياما، ووالدي يطلب النهر فلا يجده (5)، فبعد الإياس عزم على الانصراف خوف التلف، وألح من كان معنا عليه حذرا على أنفسهم، فقمت (6) من الرحل لحاجتي فتباعدت من الرحل مقدار رمية سهم، فعثرت بنهر ماء أبيض اللون، عذب الطعم، طيب الرائحة، لذيذ، لا بالصغير من الأنهار ولا بالكبير، يجري جريانا لينا، فدنوت منه وغرفت منه بيدي غرفتين أو ثلاثة فشربتها، ثم بادرت مسرعا إلى الرحل وبشرت الخدم بأني قد وجدت الماء.
فحملوا ما كان معنا من القرب والأدوات لنملأها، وذهلت لفرحتي (7) بوجود الماء والخوف من التلف عن أن ذلك مطلوب أبي، وكان أبي في ذلك الوقت غائبا عن الرحل مشغولا بالطلب.
فقمنا وسرنا إلى النهر فلم نجده، فاجتهدنا وطفنا واستقصينا في الطلب فلم نره.
فكذبوني الخدم وقالوا: لم تجد شيئا. فانصرفنا إلى الرحل، وأقبل والدي وأخبرته