من أهل المغرب (1)، فدخلنا عليه مع جماعة من أصحاب الحديث ممن حضر الموسم في تلك السنة - وهي سنة تسع وثلاثمائة - قال: فرأينا رجلا أسود الرأس واللحية كأنه شن (2) بال، وحوله جماعة من أولاد أولاده (وأولاد أولاد لأولاده) (3)، ومشايخ من أهل بلده (4)، وشهد المشايخ أنا سمعنا آباءنا يحكون عن آبائهم أنهم عهدوا هذا الشيخ المعمر (5) المسمى بأبي الدنيا، واسمه علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن يزيد (6).
قال: ففاتحناه وسائلناه عن حاله وقصة سبب طول تعميره، فوجدناه ثابت العقل، يفهم ما يقال له، ويجيب عنه بلب وعقل. فذكر أنه كان والده قد نظر في كتب الأوائل فوجد فيها ذكر نهر الحياة، وأنه يجري في بلاد الظلمات، وأنه من شرب منه عمر. فحمله الحرص على طول الحياة على دخول الظلمات، فتحمل وتزود حسب ما قدر أنه يكتفى به، وأخرجني معه وأخرج معنا خادمين وعدة جمال لبون (7). فسار بنا إلى أن وافينا طرف (8) الظلمات، ثم دخلنا فيها فسرنا نحو ستة أيام بلياليها، وكنا نميز بين الليل والنهار بأن النهار أضوأ قليلا وأقل ظلمة من الليل. فنزلنا بين جبال