شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٥٣
يقال (حد المعجز منه) أي من هذا الإخبار أوليس مجهولا كما ذكرتم بل هو معلوم (تقضي به العادة) وهو أن يكثر كثرة خارجة عن المعتاد المتعارف فيما بين أهل العرف (و) لا شك أنه (قد بلغ) الإخبار بالغيب (في القرآن ذلك المبلغ) الخارق للعادة (ولسنا الآن لتفصيله) إذ يكفينا العلم به إجماعا (وبه) أي بما ذكرناه في جواب هذه الشبهة (خرج جواب الشبهتين) الأخيرتين أما عن الثانية فبأن يقال إخبار المنجمين والكهنة لم يبلغ ذلك المبلغ وإخبارهم عن الكسوف والخسوف من باب الحساب الذي قلما يقع الغلط فيه لا من قبيل الإخبار بالغيب وأما عن الثالثة فبأن يقال يكفينا في إثبات النبوة اشتمال القرآن على ما هو خارق للعادة ولا يضرنا عدم اشتمال بعضه عليه فإن ذلك البعض أوليس بمعجز عند هذا القائل (سلمنا) إنه لا إعجاز في الإخبار بالغيب (لكن لم يجوز أن يكون المعجز ما انتفي عنه الاختلاف * وأما الشبه) الموردة عليه (فالجواب عن الأولى إن ما في القرآن أوليس بوزن الشعر إنما يصير إليه بتغير ما من إشباع أو زيادة أو نقصان) وإذا غير بشئ من ذلك خرج عن أسلوب القرآن (ثم إن الشعر ما قصد وزنه وتناسب مصاريعه واتحاد رويه و) ما ذكروه من القرآن وإن
____________________
يدعى إن سحر سحرة فرعون كان تخييلا وتوهيما (قوله أوليس بمعجز عند هذا القائل) كيف لا يعجز وقد قال الله تعالى فليأتوا بحديث مثله وقال الله تعالى فأتوا بسورة من مثله لكن ورود الالزام من جهة أخرى لا يضر في هذا المقام كما أشرنا إليه فليتأمل (قوله إن ما في القرآن أوليس بوزن الشعر) فإن قلت فيه تناقض من وجوه أخر منها إن بين قوله تعالى فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان وقوله تعالى ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون وبين قوله تعالى فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون وقوله فلنسألن الذين أرسل إليهم ولتسألن المرسلين تناقض قلت شرط التناقض اتحاد الزمان والمكان واتحاد الغرض وغير ذلك وقد عرف بقوله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة إن يوم القيامة مقداره ذلك وعرف بالإخبار إنه مشتمل على مقامات مختلفة فإذا احتمل أن يكون السؤال في وقت من أوقات يوم القيامة ولا يكون في آخر أو في مقام من مقاماته ولا يكون في آخر أو بقيد من القيود كالتوبيخ أو التقرير أو غير ذلك مرة وبغير ذلك القيد أخرى لم يتحقق التناقض وبمثل هذا الجواب يندفع ما توهم من التناقض بين قوله تعالى فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون وبين قوله تعالى وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وقوله تعالى يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وقوله تعالى يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون وأمثال هذه الآيات وأما توهم التناقض بين قوله تعالى أوليس لهم طعام إلا من ضريع وقوله تعالى ولا طعام إلا من غسلين فمدفوع بأن الآيتين في حق الطائفتين من أهل النار أعاذنا الله تعالى منها (قوله ثم أن الشعر ما قصد وزنه إلى الخ) المراد بقصد الوزن أن يقصد ابتداء ثم يتكلم مراعي جانبه لا أن يقصد المتكلم المعنى وتأديته بكلمات لائقة من حيث الفصاحة في تركيب تلك الكلمات الموجب للبلاغة فيستتبع ذلك كون الكلام موزونا أو أن يقصد المعنى ويتكلم بحكم العادة على مجرى كلام الأوساط فيتفق أن يأتي موزونا كذا
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344