الهذيل العلاف وبشر بن المعتمر إلى أن الكافر يعذب فيما بين النفختين أيضا وإذا ثبت التعذيب ثبت الإحياء والمسألة لأن كل من قال بعذاب القبر قال بهما (وأما ما ذهب إليه الصالحي من المعتزلة وابن جرير الطبري وطائفة من الكرامية من تجويز ذلك) التعذيب (على الموتى من غير إحياء فخروج عن المعقول) لأن الجماد لا حس له فكيف يتصور تعذيبه وما ذهب إليه بعض المتكلمين من أن الآلام تجتمع في أجساد الموتى وتتضاعف من غير إحساس بها فإذا حشروا أحسوا بها دفعة واحدة فهو إنكار للعذاب قبل الحشر فيبطل بما قررناه من ثبوته قبله * الوجه (الثاني قوله تعالى) حكاية على سبيل التصديق (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين وما هو) أي وما المراد بالإماتتين والإحيائين في هذه الآية (إلا الإماتة) قبل مزار القبور (ثم الإحياء في القبر ثم الإماتة فيه أيضا بعد مسألة منكر ونكير (ثم الإحياء للحشر) هذا هو الشائع المستفيض بين أصحاب التفسير قالوا والغرض بذكر الإحيائين إنهم عرفوا فيهما قدرة الله على البعث ولهذا قالوا فاعترفنا بذنوبنا أي الذنوب التي حصلت بسبب إنكار الحشر وإنما لم يذكر الإحياء في الدنيا لأنهم لم يكونوا معترفين بذنوبهم في هذا الإحياء وذهب بعضهم إلى أن المراد بالإماتتين ما ذكروا بالإحيائين الإحياء في الدنيا والإحياء في القبر لأن مقصودهم ذكر الأمور الماضية وأما الحياة الثالثة أعني حياة الحشر فهم فيها فلا حاجة إلى ذكرها وعلى هذين التفسيرين ثبت الإحياء في القبر (ومن قال بالإحياء فيه قال بالمسألة والعذاب) أيضا فقد ثبت أن الكل حق وأما حمل الإماتة الأولى على خلقهم أمواتا في أطوار النطفة وحمل الثانية على الإماتة الظاهرة وحمل الاحيائين على إحياء الدنيا والإحياء عند الحشر وحينئذ لا يثبت بالآية الإحياء في القبر فقد رد عليه بأن الإماتة إنما تكون بعد سابقة الحياة ولا حياة في أطوار النطف وبأنه قول شذوذ من المفسرين والمعتمد هو قول الأكثرين (هذا والأحاديث) الصحيحة (الدالة عليه) أي على عذاب القبر (أكثر من أن تحصى بحيث تواتر القدر المشترك) وإن كان كل واحد منها من قبيل الآحاد منها أنه عليه الصلاة والسلام مر بقبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير بل لأن أحدهما كان لا يستبرئ من البول وأما الثاني فكان يمشي بالنميمة ومنها قوله استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من البول ومنها قوله في سعد بن معاذ لقد ضغطته الأرض ضغطة اختلفت بها ضلوعه ومنها أنه كان يكثر الاستعاذة بالله من عذاب القبر إلى غير ذلك
(٣١٨)