من الأحاديث المشتملة بعضها على مسألة ملكين أيضا وتسميتها منكرا ونكيرا مأخوذة من إجماع السلف وأخباره مروية عن النبي عليه
الصلاة والسلام (احتج المنكر بقوله تعالى لا يذوقون فيها
الموت إلا الموتة الأولى ولو أحيوا في
القبر لذاقوا موتتين * الجواب إن ذلك وصف لأهل الجنة والضمير في فيها للجنة أي لا يذوق أهل الجنة في الجنة
الموت فلا ينقطع نعيمهم) كما انقطع نعيم أهل الدنيا
بالموت فلا دلالة في الآية على انتفاء موتة أخرى بعد المسألة وقبل دخول الجنة وأما قوله إلا الموتة الأولى فهو تأكيد لعدم موتهم في الجنة على سبيل التعليق بالمحال كأنه قيل لو أمكن ذوقهم الموتة الأولى لذاقوا في الجنة
الموت لكنه لا يمكن بلا شبهة فلا يتصور موتهم فيها (و) قد يقال (إلا الموتة الأولى للجنس لا للوحدة) وإن كانت الصيغة صيغة الواحد (نحو إن الإنسان لفي
خسر وليس فيها نفي تعدد
الموت) لأن الجنس يتناول المتعدد أيضا (فهذا) الذي ذكروه من الآية واجبنا عنه (معارضة ما احتججنا به من الآيتين) ثم إنهم بعد المعارضة (قالوا إنما يمكن العمل بالظواهر) التي تمسكتم بها (إذا لم تكن مخالفة للمعقول) فإنها على تقدير مخالفتها إياه يجب تأويلها وصرفها عن ظواهرها فلا يبقى لكم وجه الاحتجاج بها (ودليل مخالفتها للمعقول إنا نرى شخصا يصلب ويبقى مصلوبا إلى أن تذهب أجزاؤه ولا نشاهد فيه إحياء ولا مسألة فالقول بهما مع عدم المشاهدة سفسطة) ظاهرة (وبلغ منه من أكلته السباع والطيور وتفرقت أجزاؤه في بطونها وحواصلها وأبلغ منه من أحرق) حتى تفتت (وذري أجزاؤه) المتفتتة (في الرياح العاصفة شمالا وجنوبا وقبولا ودبورا فإنا نعلم عدم إحيائه ومسئلته وعذابه ضرورة وقد تحير الأصحاب في التفصي عن هذا فقالوا) أي القاضي وأتباعه (في صورة
المصلوب لا يعد في لا الحياء والمسألة مع عدم المشاهدة كما في صاحب السكتة) فإنه حي مع إنا لا نشاهد حياته (وكما في رؤية النبي جبريل عليهما السلام وهو بين أظهر أصحابه مع ستره عنهم) وقال بعضهم لا بعد في رد الحياة إلى بعض أجزاء البدن فيختص بالإحياء والمسألة والعذاب وإن لم يكن
____________________
المذكور يقتضي أن يكون الجواب بآلة البدن والإشكال مسوق على ذلك فتأمل (قوله وأخبار مروية عن النبي عليه السلام) روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا أقبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير في حديث طويل (قوله احتج المنكر بقوله تعالى) قيل وصف الموتة بالأولى يشعر بموتة ثانية وليست إلا بعد إحياء الموتى فتكون الآية الكريمة حجة