الدراهم، وهو أعم من الختم وأخص من النقش، قال الله تعالى: (وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) (1)، قال: وبه اعتبر الطضبع والطبيعة التي هي السجية، فإن ذلك هو نفس النقش (2) بصورة ما، إما من حيث الخلقة، أو من حيث العادة، وهو فيما تنقش به من جهة الخلقة أغلب، ولهذا قيل:
* وتأبى الطباع على الناقل (3) * وطبيعة النار، وطبيعة الدواء: ما سخر الله تعالى من مزاجه، وقال في تركيب " خ ت م "، ما نصه: الختم والطبع يقال على وجهين: مصدر ختمت وطبعت، وهو تأثير الشيء بنقش الخاتم والطابع، والثاني: الأثر الحاصل عن النقش، ويتجوز بذلك تارة في الاستيثاق من الشيء والمنع فيه، اعتبارا بما يحصل من المنع بالختم على الكتب والأبواب، وتارة في تحصيل أثر (5) الشيء من شيء اعتبارا بالنقش الحاصل، وتارة يعتبر منه ببلوغ الآخر.. إلى آخر ما قال. وسيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى.
وقال الليث: الطبع، بالكسر: مغيض الماء، جمعه أطباع، وأنشد:
* فلم تثنه الأطباع دوني ولا الجدر * وعلى هذا هو مع قول الأصمعي الآتي: إن الطبع هو النهر: ضد، أغفله المصنف، ونبه عليه صاحب اللسان.
والطبع: ملء الكيل والسقاء حتى لا مزيد فيهما من شدة ملئها، وفي العباب: والطبع المصدر (6)، كالطحن والطحن، وفي اللسان: ولا يقال في المصدر الطبع، لأن فعله لا يخفف كما يخفف فعل ملأ، فتأمل بين العبارتين، وقال الراغب: وقيل: طبعت المكيال، إذا ملأته، وذلك لكون الملء العلامة منها المانعة من تناول بعض ما فيه.
والطبع: نهر بعينه، قال الأصمعي: الطبع: النهر مطلقا، قال لبيد رضي الله عنه:
فتولوا فاترا مشيهم * كروايا الطبع همت بالوحل قال الأزهري: ولم يعرف الليث الطبع في بيت لبيد، فتحير فيه، فمرة جعله الملء، وهو: ما أخذ الإناء من الماء، ومرة جعله الماء، قال: وهو في المعنيين غير مصيب، والطبع في بيت لبيد: النهر، وهو ما قاله الأصمعي، وسمي النهر طبعا لأن الناس ابتدأوا حفره، وهو بمعنى المفعول، كالقطف بمعنى المقطوف، وأما الأنهار التي شقها الله تعالى في الأرض شقا، مثل دجلة والفرات والنيل وما أشبهها، فإنها لا تسمى طبوعا، وإنما الطبوع: الأنهار التي أحدثها بنو آدم، واحتفروها لمرافقهم، وقول لبيد: " همت بالوحل " يدل على ما قاله الأصمعي؛ لأن الروايا إذا وقرت (7) المزايد مملوءة ناء، ثم خاضت أنهارا فيها وحل، عسر عليها المشي فيها، والخروج منها، وربما ارتطمت فيها ارتطاما إذا كثر فيها الوحل، فشبه لبيد القوم الذين حاجوه عند النعمان بن المنذر، فأدحض حجتهم حتى زلقوا (8)، فلم يتكلموا، بروايا مثقلة خاضت أنهارا ذات وحل، فتساقطت فيها، والله أعلم.
والطبع، بالكسر: الصدأ يركب الحديد، والدنس والوسخ يغشيان السيف، ويحرك فيهما ج: أطباع، أي جمع الكل مما تقدم.
أو بالتحريك: الوسخ الشديد من الصدإ، قاله الليث.
ومن المجاز: الطبع: الشين والعيب في دين أو دنيا، عن أبي عبيد، ومنه الحديث: " استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع " بينهما جناس تحريف، وقال الأعشى:
من يلق هوذة يسجد غير متئب * إذا تعمم فوق التاج أو وضعا (9) له أكاليل بالياقوت زينها * صواغها (10) لا ترى عيبا ولا طبعا