* والحديث الآخر " لا تعقل العاقلة عمدا، ولا عبدا، ولا صلحا، ولا اعترافا " أي أن كل جناية عمد فإنها من مال الجاني خاصة، ولا يلزم العاقلة منها شئ، وكذلك ما اصطلحوا عليه من الجنايات في الخطأ. وكذلك إذا اعترف الجاني بالجناية من غير بينة تقوم عليه، وإن ادعى أنها خطأ لا يقبل منه ولا تلزم بها العاقلة. وأما العبد فهو أن يجنى على حر فليس على عاقلة مولاه شئ من جناية عبده، وإنما جنايته في رقبته، وهو مذهب أبي حنيفة.
وقيل: هو أن يجنى حر على عبد فليس على عاقلة الجاني شئ، إنما جنايته في ماله خاصة، وهو قول ابن أبي ليلى، وهو موافق لكلام العرب، إذ لو كان المعنى على الأول لكان الكلام " لا تعقل العاقلة على عبد " ولم يكن " لا تعقل عبدا " واختاره الأصمعي وأبو عبيد.
(ه) ومنه الحديث " كتب بين قريش والأنصار كتابا فيه: المهاجرون من قريش على رباعتهم يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى " أي يكونون على ما كانوا عليه من أخذ الديات وإعطائها.
وهو تفاعل من العقل. والمعاقل: الديات، جمع معقلة. يقال: بنو فلان على معاقلهم التي كانوا عليها: أي مراتبهم وحالاتهم.
* ومنه حديث عمر " إن رجلا أتاه فقال: إن ابن عمى شج موضحة، فقال: أمن أهل القرى أم من أهل البادية؟ قال: من أهل البادية، فقال عمر " إنا لا نتعاقل المضغ بيننا " المضغ:
جمع مضغة وهي: القطعة من اللحم قدر ما يمضغ في الأصل، فاستعارها لموضحة وأشباهها من الأطراف كالسن والإصبع، ما لم يبلغ ثلث الدية، فسماها مضغة (1) تصغيرا لها وتقليلا. ومعنى الحديث أن أهل القرى لا يعقلون عن أهل البادية، ولا أهل البادية عن أهل القرى في مثل هذه الأشياء.
والعاقلة لا تحمل السن والإصبع والموضحة وأشباه ذلك.
(ه) ومنه حديث ابن المسيب " المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديتها " يعنى أنها تساويه فيما كان من أطرافها إلى ثلث الدية، فإذا تجاوزت الثلث، وبلغ العقل نصف الدية صارت دية المرأة على النصف من دية الرجل.
* ومنه حديث جرير " فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي