(انتهوا) يحتمل وجوها:
أحدها: - ولعله الظاهر - أن يكون الأمر بالانتهاء عما نهى الرسول صلى الله عليه وآله من باب الإرشاد، نظرا إلى أن نواهي الرسول صلى الله عليه وآله نواهي الله تعالى، فيكون مساوقا لقوله تعالى: أطيعوا الله، فعلى هذا لا دلالة للآية على وجوب الخروج عما ذكر.
وثانيها: أن يكون للأمر الطريقي، بمعنى أن غرضه - سبحانه [و] تعالى - من ذلك جعل قول الرسول صلى الله عليه وآله طريقا إلى نواهيه تعالى حتى يكون نهيه صلى الله عليه وآله لكونه طريقا إلى نهي الله تعالى منجزا لنهي الله تعالى وموجبا لاستحقاق العقاب على ارتكابه لصيرورته معلوما بنهي النبي صلى الله عليه وآله، وعلى هذا أيضا لا تزيد الآية على نفس النواهي الواقعية المعلومة إجمالا، فإنها بعد العلم بها منجزة على المكلف ولو لم تكن هذه الآية.
وثالثها: أن يكون المراد به الوجوب النفسي الشرعي بمعنى أنه تعالى جعل بذلك اتباع قول النبي صلى الله عليه وآله واجبا نفسيا، فكل ما أخبر بحرمته فالاجتناب عنه لازم من جهة اتباعه ولو لم يحصل لأحد القطع بوجود النهي في الواقع مثلا، وعلى هذا فالآية تدل على وجوب امتثال تلك النواهي من باب العلم بأن النبي صلى الله عليه وآله أخبر بها.
لكن لا يخفى أنه لا حاجة إلى الآية على هذا التقدير أيضا، فإن العلم بوجود المحرمات من الله سبحانه منجز لها على المكلف، ويحكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة تركها.
اللهم إلا أن يكون ذكر الآية والاعتماد عليها من باب التأييد لحكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة تركها بعد العلم الإجمالي بها.
قوله - قدس سره -: (وبعبارة أخرى: العلم الإجمالي قبل الرجوع