الخروج عن عهدته، وهو لا يحصل إلا بالاجتناب عن جميع الأطراف، إلا أن تلف بعضها يكون - حينئذ - بمنزلة امتثاله، وأما الأطراف الاخر فلما كان المفروض عدم امتثالها فيجب الاجتناب عنها، واحتمال ذهاب موضوع التكليف المعلوم بالإجمال بذهاب الطرف التالف، لاحتمال كونه هو المكلف به، غير مجد، فإن غايته الشك بعد التلف في بقاء التكليف الواقعي على حاله، وهذا غير كاف، لأنه بعد القطع يتنجزه لا بد من القطع بسقوطه، ولا يجوز الاكتفاء باحتمال سقوطه.
وبالجملة: كل طرف من أطراف المعلوم بالإجمال مهما لم يخرج عن كونه من أطرافه يجب الاجتناب عنه بحكم العقل، وخروجه من أطرافه إنما يكون [فيما] (1) إذا فرض اجتماع جميع الأطراف [و] (2) لم يكن هناك تكليف معلوم إجمالا مردد بينها. هذا.
وإن شئت قلت: إن العلم الإجمالي متى تحقق بين أمور مع تعارض الأصل في تلك الأمور - بأن لم يكن في بعضها أصل سليم عن المعارض - فهو منجز للمعلوم الإجمالي على المكلف بحيث يوجب الاجتناب عن جميع الأطراف، ولا ريب أن العلم الإجمالي بهذا النحو قد تحقق فيما نحن فيه قبل تلف بعض الأطراف: أما حصوله فبالفرض، وأما تعارض الأصول في الأطراف قبل تلف بعضها فواضح، فيكون منجزا لجميع الأطراف على المكلف فيجب الخروج عن عهدة الجميع.
لا يقال: إنه بعد تلف بعض الأطراف يكون الأصل في الباقي سليما عن المعارض، فيخرج مورده عن تحت الحرام الواقعي.
لأنا نقول: إن الأصل في الباقي قد سقط بالتعارض قبل التلف، والتلف