بالاحتياط فيها إنما هو لأجل التحرز عن ذلك الضرر، وهذا لا يعقل أن يكون غير الإرشادي فإذا ثبت كونه فيها للإرشاد، فيكون له بالنسبة إلى غيرها أيضا وإلا يلزم استعمال اللفظ في معنيين، كما لا يخفى.
قوله - قدس سره -: (وهي أن الإشراف على الوقوع في الحرام.).
إلى قوله: (محرم من دون سبق علم به أصلا) (1) يمكن الخدشة فيه: بأن الإشراف لا يصدق إلا على ما كان موردا لخوف الوقوع في مفسدة الحرام، فحينئذ وإن لم نقل بحرمة الإشراف نقول بوجوب تحصيل الأمن من تلك المفسدة عقلا، فيجب الاحتياط من تلك الجهة، ولا ريب أن وجوب الاحتياط في صور الشك في المكلف [به] أيضا انما هو لأجل ذلك، كما اعترف به هو - قدس سره - في غير واحد من كلماته.
اللهم إلا أن يقال: إن المفسدة التي يتوقع الابتلاء بها: إن كانت هي العقاب فالعقل مستقل بنفيه في صور الشك في التكليف التي منها الشبهات التحريمية التي هي محل النزاع، وإن كانت غيره فالعقل لا يستقل بلزوم التحرز عنه حتى يحكم بلزوم الاحتياط من جهته.
والحاصل: أن المفسدة غير العقاب إن كان هو الضرر البدني، فهو مع كونه مقطوع العدم في ارتكاب المحرمات - مضافا إلى وجود النفع البدني فيه، كما في شرب الخمر والزنا وغيرهما كما لا يخفى - لا يستقل العقل بدفعه على تقدير احتماله، لأنه ليس بحيث يترتب على الحرام كائنا ما كان كترتب المعلول على علته، بل ارتكاب الحرام مقتض له وإن كان غيره - مثل كون ارتكاب الحرام منشأ لقساوة القلب الموجبة للتجري على ترك الواجبات وارتكاب المحرمات - فنمنع أيضا استقلاله بلزوم دفعه لعدم كون ارتكاب الحرام علة تامة