حينئذ عن أبعدية خلافهم عن الباطل، لكن على هذا التقدير - أيضا - لا يفرق بين ما إذا كان خلافهم حكما واحدا وبين ما إذا كان أحكاما متعددة، إذ على الأول - أيضا - لا يعلم من غلبة الباطل على أحكامهم كون الحق هو ذلك الحكم المخالف لهم، بل غاية ما توجيه هي حينئذ - أيضا - إنما هو كونه أبعد عن الباطل، فلا تغفل.
قوله - قدس سره -: (لكنه خلاف الوجدان) (1) أقول: لا يخفى إن الذي يقضي ببطلانه الوجدان إنما هو غلبة الباطل على جميع أحكامهم حتى أحكامهم المتفق عليها من الخاصة - أيضا - وأما خصوص أحكامهم التي لم يوافقهم الشيعة فيها أصلا أو لم توافقهم فيها جلهم فمنع غلبة الباطل عليها في حيز المنع، إذ المتأمل فيها يجد غلبة الباطل عليها.
وكيف كان فلم يعلم عدم غلبة الباطل عليها، ومورد أخبار الترجيح إنما هو هذه الطائفة من أحكامهم، فمع عدم معلومية انتفاء تلك الغلبة لا يرد الإشكال بالتعبد بالعلة، لأنا حينئذ نستكشف واقعية العلة وثبوتها بنفس تلك الأخبار لصدورها من أهل البيت عليهم السلام الذين هم أدرى بما في البيت.
ألا ترى أنه لو أخبرك أحدهم عليهم السلام بغلبة الباطل على الأحكام المذكورة فهل يبقى لك معه الشك في ثبوت تلك الغلبة، والمحكي عنهم بمنزلة المسموع منهم، فان الحكاية مبينة لما صدر منهم عليهم السلام.
نعم الإنصاف أن تلك الاخبار الحاكية عنهم ذلك ليست قطعية، لكن الإنصاف حصول الظن، بل الاطمئنان بصدقها ولو بملاحظة المجموع من حيث المجموع من أخبار الترجيح ومن غيرها، مضافا إلى ما حكي عن أبي حنيفة، ومن المعلوم أن الظن بصدقها ظن بثبوت تلك الغلبة،