جعله من الأمور المفيدة له مع عدم ملاحظة جهة تقويته لطريقية مورده، بل يكون الأمر بالأخذ به من باب التعبد الصرف، كما هو الحال في الأمر بأخذ المخالف العامة على الوجه الأول من تلك الوجوه الأربعة.
والحاصل: أن المناسب حينئذ إنما هو جعل المرجح لأحدهما ما يكون مقويا لجهة الكشف في مورده مع كون النظر - في اعتباره مرجحا - إلى هذه الحيثية وهي المناسبة بمثابة تبعة وقوع خلاف ما يقتضيه وإن لم تكن منافية لإمكانه.
قوله - قدس سره -: (إلا أنه يشكل الوجه الثاني... - إلى قوله -:
لأن خلافهم ليس حكما واحدا) (1) أقول: التعليل الواقع في الأخبار إنما هو كون الرشد في خلافهم بذكر لفظة (في) المفيدة للظرفية، لا كون الرشد هو خلافهم، والإشكال الذي ذكره (قدس سره) إنما يتجه على تقدير كون العلة فيها هو الثاني، لا الأول، لعدم استلزامه لكون المخالف لمذهبهم حكما واحدا، إذ غاية ما يفيده أن الرشد متحقق في خلافهم، ولازم في صورة انحصار الاحتمال المخالف لهم في واحد كون الرشد هو ذلك الاحتمال، وفي صورة تعدده كونه في جملة تلك الاحتمالات المخالفة لهم، بمعنى عدم كونه هو الاحتمال الموافق لهم.
ولا ينبغي أن يتوهم أنه ما الفائدة في كون الرشد في جملة الاحتمالات المخالفة لهم، وأي فائدة في التعبد بالأخذ بتلك الاحتمالات، فإن الأخذ بها لا يترتب عليه أزيد مما يترتب على صورة عدم الأخذ بها، إذ على تقدير الأخذ بها لا يمتاز الرشد من الغي حتى يتبع، كعدم امتيازه منه على تقدير عدمه.
لاندفاعه بأن الفائدة لا تنحصر في ذلك حتى يلغى التعبد بالأخذ بها