لفرض انتفاء تلك الفائدة، فإن المعاملة مع الاحتمال الموافق للعامة معاملة العدم من الفوائد المهمة، لاختلاف حكم عدم إلقائه مع حكم إلقائه بالنظر إلى الرجوع في الأصول والقواعد بالنسبة إلى غيره من الاحتمالات كما لا يخفى.
والحاصل: أن مقتضى التعليل المذكور في الروايات المستفيضة كون مخالفتهم أمارة على كون الرشد في خلافهم، غاية الأمر أنه مع تعدد الاحتمالات المخالفة لهم يكشف عن كون الحق والرشد فيما بينهم - بمعنى عدم خروجه منها - فقوله (قدس سره) (وكون الحق والرشد فيه بمعنى وجوده في محتملاته لا ينفع في الكشف عن الحق) إن أريد به عدم نفعه في الكشف عن وجوده فيما بين تلك المحتملات فهو يناقض فرضه كون الرشد في خلافهم على معنى كونه في محتملاته، وإن أريد به عدم نفعه في تشخيص الحق من بين تلك المحتملات كما هو الظاهر منه، فهو مسلم لكن اعتبار الكشف على هذا الوجه غير لازم في مقام الترجيح، لكفاية الكشف على الوجه الأول فيه، بل يكفي ما دونه وهو كون المرجح موجبا لأبعدية مورده عن الباطل على تقدير الدوران بينه وبين فاقده مع احتمال بطلان كليهما كما اعترف به (قدس سره) في غير موضوع من كلامه، والتعليل المذكور في الاخبار لا يقضى به - أيضا - كما عرفت.
نعم لا يمكن حمل التعليل المذكور على الدوام للعلم بأن جميع أحكام العامة ليست مخالفة للحق، فلا بد من حمله على الغلبة، فإنها غير منكرة، بل الظاهر من ملاحظة جملة من الأخبار ذلك، ومعها لا يكشف مخالفتهم عن كون الرشد في خلافهم على سبيل القطع، لأن غاية ما يفيده غلبة الباطل على أحكامهم (1) هو الظن في خصوص الموارد الشخصية بكون الرشد في خلافهم، ومن المعلوم أنه محتمل للخلاف وإلا لخرج عن كونه ظنا، وإنما يكشف مخالفتهم