عن أقربية مضمون المخالف إلى الحق فقد عرفت أنها بذلك الاعتبار من المرجحات المضمونية، وسيأتي من المصنف تقديمها على المرجحات الصدورية فحكمه هنا بتقديم المرجحات الصدورية عليها مبني على كونها من المرجحات من حيث جهة الصدور.
قوله - قدس سره -: (لأن هذا الترجيح ملحوظ في الخبرين بعد فرض صدورهما قطعا - كالمتواترين - أو تعبدا - كما في الخبرين - بعد عدم إمكان التعبد بصدور أحدهما وترك التعبد بصدور الآخر... إلى آخره) (1) حاصل ما أفاده (قدس سره) - في وجه تقديم المرجحات الصدورية على المرجحات من حيث جهة الصدور بتوضيح منا - أن جهة الصدور متفرعة على أصل الصدور، لأنها متأخرة عنه ومتوقفة عليه طبعا، ضرورة أن كون خبر صادرا لبيان الواقع، أو لغيره تقية، أو لغيرها من مصالح إظهار خلاف الواقع بصورة الواقع لا يعقل إلا أن يكون صادرا، فوصفا الصدور لبيان الواقع أو لغيره لا يتحقق موضوعهما إلا بأصل الصدور، وهذا الاعتبار يقتضي أن يكون الترجيح من حيث جهة الصدور ملحوظا بعد الفراغ عن أصل صدور كلا الخبرين المتعارضين قطعا أو تعبدا، لأجل وجود المقتضي للتعبد في كل منهما على حد سواء مع عدم مرجح للتعبد بصدور خصوص أحدهما، وأيضا التعبد بجهة الصدور قبل التعبد بأصل الصدور لغو خال عن الفائدة، لأنها نظير الدلالة، لا يترتب عليها شيء الا بعد الفراغ عن صدور المتن، إذ معنى التعبد بها ليس التعبد بصدور الراجح من جهتها، لأنه راجع إلى التعبد بصدور الراجح، بل معناه إنما هو التعبد بكون الراجح لبيان الواقع على تقدير صدوره.
وبعبارة أخرى: معناه هو التعبد بعدم كونه صادرا لبيان خلاف الواقع،