اعلم أن الحديث الشريف يدل بدلالة الاقتضاء على كون المرفوع شيئا آخر غير ذوات تلك الأمور التسعة مقدرا في طي الكلام، ويحتمل كونه أحد أمور ثلاثة:
الأول: جميع الآثار، فيكون المعنى: رفع عن أمتي جميع آثار التسعة.
الثاني: خصوص المؤاخذة، فيكون المعنى. رفع عنهم المؤاخذة عليها.
الثالث: الأمر المناسب، فيكون المعنى رفع عنهم ما هو المناسب لها من الآثار.
فتقريب الاستدلال به - حينئذ -: أن ظاهر الموصول في قوله صلى الله عليه [وآله] -: «ما لا يعلمون» العموم بالنسبة إلى الموضوعات والأحكام مطلقا حتى الحرمة، والحديث الشريف دال على عدم المؤاخذة على ما لم يعلم مطلقا وعلى كل تقدير: أما على الأولين فواضح، وأما على الثالث: فلأنها الأمر المناسب لما لا يعلم، ومما لا يعلم الحرمة المجهولة، فدل الحديث الشريف على نفي المؤاخذة على ارتكاب المشتبهات في الشبهات التحريمية الحكمية المتنازع فيها.
هذا غاية ما قيل أو يقال في توجيه الاستدلال به، وقد عرفت أنه مبني على مقدمتين:
إحداهما: عموم الموصول للحكم دون اختصاصه بالموضوع، وهو فعل المكلف.
وثانيتهما: كون المؤاخذة أمرا مناسبا لما لا يعلم.
ويتجه على أولاهما: على جميع التقادير ما ذكره - قدس سره - أولا من منافاته لسياق الرواية، فإن ظاهرها كون المراد من الموصول في جميع فقراتها واحدا، والظاهر أن المراد به في الفقرات السابقة هو الموضوع، فاتحاد سياقه في تلك الفقرة [مع] (1) سياقه في الفقرات السابقة يقضي بأن المراد منه فيها أيضا