ظهورها بقرينة إيقاع التكليف على نفسها (1)، فإنها ظاهرة في كون المكلف [به] (2) نفسها (3)، وهو لا يكون إلا بأن يراد منها ما هو من مقولة الأفعال لا الذوات، لما مر، فيكون المفعول به حينئذ هو نفس الموصولة حقيقة، ويكون المراد بالإيتاء هو الإقرار، ويكون التعليل على هذا التقدير - أيضا - في محله، لدخول الإنفاق من الميسور فيما أقدر الله المكلف عليه من الأفعال.
وبالجملة: إيقاع التكليف على نفس الموصولة قرينة على إرادة الفعل منها، وعلى إرادة الإقرار من الإيتاء، فالمراد من الآية حينئذ نفي التكليف عن غير المقدور.
ولعل هذا المعنى أظهر مما ذكر وأشمل، لما مر من شموله لمورد الآية ولغيره.
لا يقال: إن هنا احتمالا آخر في الآية، وهو أن يراد بالموصولة الأعم من الفعل الشامل للحكم مع إبقاء الإيتاء على ظاهره، وهو الإعطاء، فإنه معنى يصح نسبته إلى الحكم وإلى الفعل على حد سواء، وإنما الاختلاف في مصاديقه، حيث إنه بالنسبة إلى الحكم إعلامه، وبالنسبة إلى الفعل الإقدار عليه، وهذا الاحتمال ليس أقل مما اخترتم، فإنه لا يلزم منه محذور إلا مخالفة ظاهر الموصولة من جهة اتحاد سياقها [مع] (4) ما قبلها، وقد التزمتموها أنتم، فلا يرد علينا شيء أزيد مما يرد عليكم، فإذا صح إرادة ذلك من الآية صح الاستدلال بها.
لأنا نقول: إن هذا الاحتمال ينفيه لزوم استعمال الموصولة في معنيين على تقديره، كما ذكره - قدس سره - بقوله: (وإرادة الأعم منه ومن المورد يستلزم