بذلك، فإنه حقيقة ليس لأجل تقديم الشهرة عليها فيهما، بل إنما هو لأجل اشتراك الروايتين في اشتمالهما عليها ومساواتهما من جهتها، فليس لإحداهما مزية على الأخرى من جهتها، وترجيح الرواية المشهورة على الشاذة - حينئذ - لأجل اشتمالها على مزية أخرى غير تلك الجهة، ووجوب الأخذ بكل من المرجحات إنما هو فيما لم يوجد في كلا الخبرين معا، وهذا إنما هو من باب الاختصاص (1) لا التخصيص، لأن التخصيص إنما هو فيما كان من شأنه عموم الحكم بالنسبة إليه، ومن المعلوم أنه لا يعقل تعميم وجوب الترجيح بها بالنسبة إلى صورة وجودها في كلا الخبرين.
قوله - قدس سره -: (أو تعارض الصفات بعضها مع بعض) (2) فيه: أن فهم السائل جواز الترجيح بكل من الصفات في نفسه لا يغنيه عن حكم تلك الصورة، إذ غايته جواز الترجيح بكل منها إذا لم يكن لها معارض، وأما فيما كان لها معارض من الصفات الأخر فلا يقتضي ذلك جواز الترجيح بكل منها حينئذ.
أما تعيينا فواضح، لامتناعه.
وأما تخييرا، فلأنه ليس من مدلول قوله عليه السلام.
والحاصل: أن عدم سؤال السائل عن صورة تعارض الصفات بعضها مع بعض لا يصلح قرينة على إرادة وجوب الترجيح بكل منها مستقلا، لعدم الارتباط بينهما بوجه، كما عرفت، بل يمكن جعله قرينة على فهمه وجوب الترجيح بجميعها، إذ عليه لا حاجة إلى بيان حكم تعارض بعض الصفات مع بعض، لأنه لا يجب الترجيح حينئذ لفرض عدم اجتماعها في طرف.