ثم إن المراد بالجهة - في المقام - إنما هي التقييدية لا التعليلية.
والفرق بينهما - في المقام -: أنه على الثاني يلزم ثبوت المصلحة والمفسدة لذات الفعل - الذي هو مورد اجتماع الجهتين - أولا وبالذات فيما إذا كان الحكم الواقعي والظاهري مختلفين باعتبار كون أحدهما طلبا لترك الفعل، والآخر طلبا لإيجاده، إذ كل وصف أو حكم إنما يقوم بموضوعه لا بعلته، وإنما تكون العلة واسطة في ثبوته لموضوعه.
هذا بخلاف الأول، إذ عليه يثبت كل منهما ابتداء لنفس الجهة، ويكون ثبوتهما لمورد اجتماع الجهتين من باب العرض بتوسط الجهتين، فتكونان واسطتين في العروض، كما أنهما كانتا واسطتين في الثبوت على التقدير الثاني.
نعم المصلحة والمفسدة يجوز اجتماعهما في مورد مع تعدد الجهة التعليلية أيضا.
والثمرة بين التعليلية والتقييدية يظهر بالنسبة إلى لوازم المفسدة والمصلحة كما سيأتي.
وكيف كان، فبعد تعدد موضوعي المصلحة والمفسدة ومورديهما لم يبق محذور من جهة اجتماع الأمر الظاهري والنهي الواقعي أو العكس بالنظر إلى المكلف به.
فإن قيل: إنه لا مصلحة ولا مفسدة في المفاهيم، بل إنما هما - على تقديرهما - ثابتتان للأشخاص الخارجية، كما نشاهده بالعيان والوجدان، فلا يصح جعل الجهات واسطة في العروض بالنظر إلى ثبوتهما للأشخاص التي منها مورد اجتماع تلك الجهات، بل هي في مقام اتصاف الأشخاص واشتمالها على المفسدة والمصلحة واسطة في الثبوت دائما.
قلنا: سلمنا أنه لا مصلحة ولا مفسدة في المفاهيم، لكن نقول: إن هذا إنما هو في عالم كليها وعالم وجودها الذهني، وأما في عالم وجودها الخارجي فلا، وظهور