تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٤ - الصفحة ١٥٩
وإذا كان هي الحرمة أو الكراهة: فلا بد أن يكون فيه مفسدة ملزمة، أو غير ملزمة تقتضي تحريمه أو كراهته.
وإذا كان هي الإباحة: فلا بد من خلوه مما يقتضي غير الإباحة - من الأحكام الأربعة المذكورة - سواء كان مشتملا على ما يقتضي الإباحة أو خاليا عن ذلك أيضا.
فغاية ما يلزم من إيراد حكمين متخالفين من الأحكام الخمسة على شيء اجتماع المصلحة والمفسدة، أو المصلحة وعدم المصلحة، أو المفسدة وعدمها في ذلك الشيء في آن واحد.
لكنه لا يمتنع مع تعدد الجهة - كما هو المفروض في المقام - بل واقع في بعض الأمور الخارجية، كالأدوية والأغذية والأشربة، فإن المصلحة والمفسدة وإن كانتا متضادتين، لكنهما إنما يمتنع اجتماعهما في مورد واحد مع اتفاقهما في الوحدات المعتبرة في التناقض، وكذلك كل منهما مع عدمه (1) وإن كانا نقيضين لكنهما إنما يمتنع اجتماعهما مع اتفاقهما في تلك الوحدات.
وإحدى الجهتين: فيما نحن فيه إنما هي الملحوظة في مقام جعل الحكم الواقعي وإنشائه، وهي جهة ذات الشيء الغير الملحوظة بشيء من وصفي العلم والجهل.
وأخراهما: إنما هي الجهة الملحوظة في مقام جعل الحكم الظاهري، وهي عنوان سلوك الطريق (2) أو الأمارة الظنين إذا كان الحكم الظاهري من مؤدى

(1) اعلم أنه ربما يتوهم: أنه إذا فرض أن جهة الحكم الظاهري إنما هو عنوان سلوك الطريق - مثلا - فنقول: إن ذلك العنوان إما أن يكون فيه مصلحة ملزمة، وإما أن يكون فيه مصلحة غير ملزمة، وإما أن لا يكون فيه مصلحة أصلا.
لا سبيل إلى شيء من هذه الشقوق:
أما الأول: فلأنه على تقديره يلزم أن يكون العمل بالطريق واجبا مطلقا في جميع الموارد، فينحصر الحكم الظاهري في الوجوب وهو باطل.
وأما الثاني: فلأنه لازمه استحباب العمل بالطريق، فيلزمه أن يكون الحكم الظاهري منحصرا في الاستحباب، وهو في البطلان كسابقه.
وأما الثالث: فلأنه على تقديره يستلزم إباحة سلوك الطريق، فيلزمه انحصار الحكم الظاهري في الإباحة، وهذا في البطلان كسابقيه.
وهكذا يتوهم: بالنسبة إلى سلوك الأمارة والعمل على طبق الحالة السابقة.
لكنه مدفوع: بأنا نختار الشق الأول، أعني اشتمال سلوك الطريق على المصلحة الملزمة.
لكن نقول: إن تلك المصلحة لا تقتضي وجوب كل ما قامت الطرق الظاهرية على إفادة حكمه ولو كانت مفيدة لغير الوجوب من سائر الأحكام، حتى ينحصر الحكم الظاهري في الوجوب، بل إنما هي مقتضي لزوما حكم الشارع في مرحلة الظاهر على طبق مؤديات تلك الطرق، فإن كانت مؤدياتها هو الوجوب فتقتضي حكمه بوجوب الفعل وإحداث طلب حتمي بالنسبة إليه في مرحلة الظاهر، وإن كانت هي الحرمة فمقتضى حكمه بحرمة الفعل كذلك، وهكذا إلى سائر الأحكام، فلا ينحصر الحكم الظاهري في واحد من الأحكام الخمسة، فلا تغفل. لمحرره عفا الله عنه.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في أصالة البراءة 5
2 البراءة - الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي 7
3 البراءة - الفرق بين التخصيص والحكومة 13
4 البراءة - صور الاشتباه في الشبهة الحكمية 15
5 البراءة - الاستدلال بآية نفي التكليف عليها 17
6 البراءة - الاستدلال بآية نفي التعذيب عليها 20
7 البراءة - رد الاستدلال بآية نفي التعذيب 25
8 البراءة - الاستدلال بآية قل لا أجد وغيرها 26
9 البراءة - الاستدلال بحديث الرفع 29
10 البراءة - الاستدلال بالحسد ومعصية وغيره 37
11 البراءة - الاستدلال بصحيحة عبد الرحمن 39
12 البراءة - في الاستدلال بالسنة 44
13 البراءة - في الاستدلال بالإجماع والعقل 52
14 البراءة - في الاستدلال بالعقل 55
15 البراءة - الاستدلال بالاستصحاب 61
16 البراءة - الاستدلال على الاحتياط بالكتاب والسنة 63
17 البراءة - بيان العلاج بين ما دل على البراءة والاحتياط 68
18 البراءة - الجواب عن الروايات الدالة على الاحتياط 71
19 البراءة - مفاد أدلة الاحتياط 76
20 البراءة - الشبهة المحصورة وأحكام أقسامها 82
21 البراءة - التفصيل بين ما يعم البلوى وغيره 95
22 البراءة - رجحان الاحتياط ووجوب التعليم 97
23 البراءة - جريان أصالة الحل في مورد الشك 101
24 البراءة - وظيفة الجاهل عند عدم إفتاء المجتهد بالاحتياط أو البراءة 104
25 البراءة - عدم استناد الحلية إلى أصالة الحل 107
26 البراءة - التمسك بقوله (لا يحل مال) في الشبهة الموضوعية 111
27 البراءة - إيراده على الحر العاملي 113
28 البراءة - رجحان الاحتياط 115
29 البراءة - بيان رأي المحدث الحر العاملي 119
30 البراءة - تحقيق كلام المحقق الأسترآبادي 120
31 البراءة - اخبار من بلغه 122
32 البراءة - بيان موارد مشروعية الاحتياط 130
33 البراءة - اختصاص أدلتها بالشك في الوجوب التعييني وعدمه 132
34 في التعادل والترجيح 147
35 التعارض بين الحكم الواقعي والظاهري 149
36 ميزان الحكومة والورود 176
37 الفرق بين الدليل الحاكم والمخصص 178
38 الوجوه المتصورة في اعتبار الأصول 181
39 كيفية الجمع بين الأمارات والأصول 184
40 جريان الورود والحكومة في الأصول اللفظية 190
41 تعليق حجية العام على عدم القرينة 193
42 قاعدة: الجمع مهما أمكن أولى من الطرح 195
43 بيان منشأ التعارض بين الخبرين 208
44 عدم شمول الأدلة لصورة التعارض 211
45 تأسيس الأصل الأولي في المتعارضين والمتزاحمين 215
46 الفرق بين صورة تعارض الطريق المعتبر واشتباهه بغيره 220
47 تبعية المدلول الالتزامي للمطابقي 222
48 تأسيس الأصل الثانوي في المتعارضين والمتزاحمين 226
49 مفاد الاخبار عند التعارض 235
50 حكم الترجيح عند تعارض الاخبار 247
51 أدلة القول باستحباب الترجيح والجواب عنها 249
52 المختار والدليل في حكم الترجيح 256
53 عدم ثبوت التخيير مع احتمال وجوب الترجيح 258
54 تأسيس الأصل في الواجبين المتزاحمين 260
55 كلام السيد الصدر في مفاد الاخبار والتحقيق فيها 273
56 التعدي عن المرجحات وعدمه 288
57 انقسام المرجحات 299
58 الكلام في الخبرين المتعارضين 303
59 تشخيص موضوعي النص والأظهر في المتعارضات 332
60 انقسام المرجحات إلى السندية والمتنية 354