المصلحة والمفسدة في الأشخاص ليس لأجل كون موضوعهما هي الأشخاص من حيث هي، بل إنما هو لأجل أن الأشخاص ليست إلا وجودات تلك المفاهيم في الخارج، فهي عالم الوجود الخارجي لتلك، فالمصلحة والمفسدة في هذا العالم ثابتتان لنفس الطبائع من حيثية وجودها الخارجي بحيث تكون تلك الحيثية محققة لفعلية الاتصاف ومحصلة لها.
والحاصل: أنهما ثابتتان للطبائع من الحيثية التي هي من تلك الحيثية منشأ للآثار، وهي حيثية وجودها الخارجي.
هذا مضافا إلى أن مورد اجتماع الجهات في المقام - أيضا - قد يكون من المفاهيم، كما في موارد الشبهة في الحكم الكلي الواقعي للشيء كما لا يخفى، فلا بد لذلك السائل من صرف المصلحة والمفسدة - حينئذ - إلى أشخاصه، فافهم.
وأما المقام الثالث:
فتوضيح الحال فيه: أن غاية ما يقال فيه: أن الحكيم إذا حكم على شيء بحكم، فلا بد أن يتصور أولا ذلك الشيء، ويعلم بما فيه من الجهة المقتضية للحكم من المصلحة والمفسدة، أو خلوه منهما، أو استوائهما فيه الذي يقتضي (1) الإباحة، ثم يحكم عليه بما تقتضيه تلك الجهة من الأحكام الخمسة، فإذا فرض حكمه على شيء بحكمين، فاللازم منه بالنسبة إليه إنما هو تعدد التصور على حسب تعدد الجهة المقتضية لهما وتعدد العلم.
ومن المعلوم أنه لا تنافي بين التصورين ولا بين العلمين بوجه، فلا يلزم من اجتماع اثنين من تلك الأحكام بالنسبة إليه - أيضا - محذور أصلا.
فإن قيل: إن في مقام الحكم واسطة أخرى بين الحكم وبين العلم بالجهة