إنما هو ما يصدر منه، وهو ليس إلا الأشخاص والأفراد، دون العناوين والوجوه الصادقة عليها، فلو سلمنا أن مورد المصلحة والمفسدة إنما هو تلك العناوين نمنع من تعلق الأحكام بها.
والإرادة والكراهة - أيضا - لا بد من تعلقهما بفعله الاختياري، إذ لا يعقل إرادة غير فعله منه، وكذا كراهته، فتكون تلك العناوين واسطة لثبوت تلك الأحكام والإرادة والكراهة لنفس الأفراد التي منها مورد اجتماعها في محل الكلام، وهو صورة مخالفة الحكم الواقعي مع الظاهري، فيلزم اجتماع الإرادة والكراهة في الواحد الشخصي، وهو مورد الاجتماع.
قلنا: مراد من قال بتبعية الأحكام للحسن والقبح إنما هو تبعيتها للمصالح والمفاسد الثابتتين للأشياء قبل إيراد حكم عليها، وإطلاق الحسن والقبح عليهما شائع، إذ كثيرا [ما يقال] (1) للشيء أنه حسن باعتبار اشتماله على مصلحة، أو أنه قبيح باعتبار اشتماله على مفسدة، وقد يقال للشيء الواحد أنه حسن وقبيح باعتبار اشتماله على مصلحة من جهة وعلى مفسدة من أخرى، وأما الحسن والقبح بمعنى المدح والذم - كما قد يطلقان عليهما - فلا، بل لا يعقل تبعيتها لهما بهذا المعنى، ضرورة أن المدح والذم إنما هما من آثار الإطاعة والعصيان، وهما لا يتحققان إلا بالأمر والنهي، فكيف يعقل تبعية الأمر والنهي لما لا يتحقق إلا بهما؟ وبالجملة: الحسن والقبح، - بمعنى المدح والذم - وإن كانا قائمين بالأشخاص دون المفاهيم، لكن تبعية الأحكام وما يلزمها من الإرادة والكراهة لهما ممنوع، بل غير معقولة، لما عرفت، وهما - بمعنى المصلحة والمفسدة - وإن كانا قائمين بالعناوين من حيثية الوجود - كما عرفت سابقا - لكن تبعية الأحكام وما