لعلمه (1)؟ كما استغل ولده الإمام الصادق (عليه السلام) من بعده انشغال الدولة الأموية بقمع الانتفاضات والثورات هنا وهناك، وفي ظل هذه الظروف انتهز العباسيون الفرصة وتصدروا الثورة وقادوها لصالحهم، بعدما رفعوا شعارهم الذي يدعون فيه إلى الرضا من أهل البيت زورا وبهتانا، فاندفع الثوار من الشيعة الموالين لآل البيت النبوي بمؤازرتهم وتصديق دعواهم، وانخرطوا في الجيش الزاحف من خراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني على بغداد ودمشق، لإسقاط الدولة الأموية.
ولما جاء عهد الإمام الصادق (عليه السلام) كانت الدولة الأموية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتعاني من انتصارات خصومها الأقوياء العباسيين هنا وهناك، وبالتالي تقلص ظلها، وتم الأمر أخيرا للعباسيين، وقامت الحكومة الجديدة على حساب العلويين.
في هذه الظروف الخاصة انطلق الإمامان الباقر والصادق (عليهما السلام) لأداء رسالتهما وتم لهما ذلك بين عهدين: عهد زوال الحكم الأموي، وعهد تثبيت أقدام العباسيين في الحكم، وإرساء قواعد حكومتهم، علما بأن مثل هذه الظروف الخاصة لم تتهيأ لأحد من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قبل الإمامين ولا من بعدهما.
ولما استتب الأمر للعباسيين - الذين تستروا بشعار أهل البيت وشيعتهم - عادوا يمثلون أقبح الأدوار التي مثلها الأمويون معهم حتى قال قائلهم:
يا ليت جور بني مروان دام لنا * وليت عدل بني العباس في النار ولو أتيح للأئمة (عليهم السلام) بعد علي (عليه السلام) أن ينصرفوا إلى الناحية التي اتجه لها الإمامان الباقر والصادق لكان فقه أهل البيت هو الفقه السائد والمعمول به عند عامة المسلمين؛ لأنه من فقه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأمير المؤمنين كان صاحب