على مذهبه الذي لا يقبل الجدل والتشكيك، وكانت هاشمياته احدى الوسائل الثقافية في تلك العصور لما فيها من الخصب وغزارة الفكر والأدب، وكانت تروى في الأندية، والمجالس ويحفظها الناس.
وقيل: ان الكميت لما نظم (الهاشميات) سترها ولم يذعها بين الناس، ورآى أن يعرضها على شاعر العرب الأكبر الفرزدق بن غالب ليرى رأيه فيها، فقصده، وبعد أن استقر به المجلس قال له:
يا أبا فراس، إنك شيخ مضر، وشاعرها، وأنا ابن أخيك الكميت بن زيد الأسدي.
أجابه الفرزدق: صدقت أنت ابن أخي فما حاجتك؟
قال: نفث على لساني، فقلت شعرا فأحببت أن أعرضه عليك، فإن كان حسنا أمرتني بإذاعته، وإن كان قبيحا أمرتني بستره، وكنت أول من ستره على.
وعجب الفرزدق من حسن أدبه، فطفق يقول له:
أما عقلك فحسن، واني لأرجو أن يكون شعرك على قدر عقلك، فأنشدني ما قلت.
وانبرى الكميت يتلو عليه رائعته قائلا:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب وقطع الفرزدق عليه كلامه قائلا: فيم تطرب يا بن أخي؟!
فقال: ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب؟!
وراح الفرزدق يقول: بلى يا بن أخي فالعب، فإنك في أوان اللعب، فقال:
ولم يلهني دار ولا رسم منزل * ولم يتطربني بنان مخضب وأكبر الفرزدق هذا الشعر، وانطلق يقول: ما يطربك يا بن أخي؟ فقال:
ولا السانحات البارحات عشية * أمر سليم القرن أم مر أعضب؟
فقال الفرزدق: أجل لا تتطير، فقال الكميت: