ويذكر المؤرخون أن الإمام أبا جعفر (عليه السلام) لما سمع هذه القصيدة العصماء أخذ منه الإعجاب مأخذا عظيما، وانطلق يقول:
اللهم اكف الكميت وأخذ يكررها ثلاثا، وقد أنجاه الله تعالى ببركة هذا الدعاء فتخلص من سجن الأمويين.
قام الكميت بدور خطير في مناهضة الأمويين، فقد هجا حكامهم، وعدد مثالبهم وأبرزهم في شعره كأقذر مخلوق، وقد حفظ الناس ما قاله فيهم، فزهدوا في بني أمية، ونقموا على حكمهم وسلطانهم، ويعتبر هجاؤه لهم من الأسباب التي أطاحت بملكهم.
ويفر الكميت من سجن الأمويين الذي كان قد دخله بوشاية خالد القسري. ويبقى متواريا عن أنظار السلطة متخفيا وهي تمعن بالتفتيش عنه إلا أنها لم تهتد إلى معرفة مكانه. وقد عزم الكميت على مدح هشام وبني أمية لينجو مما هو فيه، وقبل أن ينظم فيهم أرسل أخاه وردا إلى الإمام أبي جعفر (عليه السلام) يستأذنه فيما عزم عليه، فأذن له الإمام (عليه السلام) في ذلك.
وامتدح هشاما وبني أمية على مضض وحصل منه على العفو عنه وعن امرأته التي بقيت سجينة بدلا منه. ثم وفد بعد ذلك على الإمام الباقر (عليه السلام) فرحب به، وقرب مجلسه، وتبسم في وجهه وعاتبه عتابا رقيقا وقال له:
يا كميت أنت القائل؟
فالآن صرت إلى أمي * - ة والأمور إلى المصائر واعتذر الكميت، وأجاب جواب العالم الفقيه قائلا:
نعم، قد قلت ذلك، ولا والله ما أردت به إلا الدنيا، لقد عرفت فضلكم.
ومنحه الإمام الباقر الرضى والقبول، وقال له: أما أن قلت ذلك تقية، إن التقية لتحل (1). لقد كان الكميت صادق المودة والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وقد