فقد عاصرهم، ونظر إلى مثلهم العليا التي طبق شذاها العالم بأسره، فهام بها، شأنه شأن الأحرار الذين يقدسون الفضيلة، ويكبرون من اتصف بها، لقد كان شعر الكميت صورة حية تحكي الواقع المشرق لأهل البيت (عليهم السلام) الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
هذه بعض مميزات شعر الكميت، أما الحديث عن مظاهره الفنية فإنه يستدعي الإطناب. لذي اكتفينا بهذا القدر روما للاختصار.
كان الكميت صلب العقيدة، راسخ الإيمان، قد أقام عقيدته على الواقع العلمي الذي لا يقبل الجدل والنقاش، فهو شاعر العقيدة الشيعية، والمعبر عن آرائها، ومبادئها ويجمع الرواة على أنه أول من فتق باب الاحتجاج للشيعة في هاشمياته، وأنه كان لسانهم، والمدافع عنهم، والمحتج لهم، وقد صورت هاشمياته الجانب الفكري، والعقائدي للشيعة وأحاطت - بوضوح - بشؤون الإمامة التي تعتبر من العناصر الأساسية في مبادئهم (1).
كان لابد من هذه الإلمامة بالكميت وشعره من أجل الإطلال من خلالها على أحواله، وترسم عمق مبادئه ورسوخ عقيدته وشدة ولائه لعترة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله). حتى إذا ما استبان لنا ذلك، عطفنا لك بإلمامة أخرى نكشف بها عن جوانب من علاقة الكميت بالإمام الباقر (عليه السلام) ولقائه به، واستنشاد الإمام له الشعر.
لقد اختص الكميت بالإمام أبي جعفر (عليه السلام) فكان شاعره الخاص، وقد تلا عليه بعض هاشمياته وقصائده التي نظمها في حق أهل البيت (عليه السلام) فأخذت موقعها من نفس الإمام (عليه السلام) فشكره ودعا له بالمغفرة والرضوان.
وكان الكميت لا يرى أحدا في هذه الدنيا يستحق الولاء والتقدير غير سيده الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) فقد دخل عليه وهو يقول: