إلا شاهد على سمات تلك العصور، وأن الفرد العربي يقول الشعر بالبديهة خاصة سكان البادية حيث اللسان العربي الفصيح وخلوه من اللحن وعوامل البيئة كل ذلك يجعل من كلام العرب سبكا بليغا له ترنيمات خاصة هو للشعر أقرب منه للنثر.
وسواء صح عن الإمام (عليه السلام) انه كان ينظم الشعر أم لم يصح فإن من المقطوع به أنه كان في طليعة البلغاء الفصحاء الذواقين للشعر.
ومن الشواهد على معرفة الإمام الباقر (عليه السلام) بالشعر، بل وتضلعه به وإجازته عليه أن الكميت (رحمه الله) (ت / 612 ه) أتى المدينة فأنشد الباقر (عليه السلام) قصيدته التي يقول فيها:
من لقلب متيم مستهام * غير ما صبوة ولا أحلام فأنصت له الإمام فلما بلغ إلى قوله:
أخلص الله لي هواي فما اغ * رق نزعا ولا تطيش سهامي قال (عليه السلام) قل: (فقد أغرق نزعا وما تطيش سهامي) فقال: يا مولاي أنت اشعر مني في هذا المعنى (1). وفي المناقب: بلغنا ان الكميت انشد الباقر (عليه السلام): من لقلب متيم مستهام. فتوجه إلى الكعبة فقال: اللهم ارحم الكميت واغفر له، ثلاث مرات ثم قال: يا كميت هذه مائة ألف قد جمعتها لك من أهل بيتي فقال الكميت: لا والله لا يعلم أحد اني آخذ منها حتى يكون الله عز وجل يكافيني ولكن تكرمني بقميص من قمصك فأعطاه.
وفي حديث آخر ما روي عن عبيد الله بن زرارة، عن أبيه قال: كنا عند أبي جعفر (عليه السلام) فجاء الكميت فاستأذن عليه فأذن له فأنشده: من لقلب متيم مستهام.