أجابه الإمام: إنها أيام البيض - التي يكره فيها إنشاد الشعر -.
قالت الكميت: هي فيكم خاصة.
قال الإمام: هات ما عندك.
فانبرى يقول:
أضحكني الدهر وأبكاني * والدهر ذو صرف وألوان لتسعة بالطف قد غودروا * صاروا جميعا رهن أكفان وتألم الإمام كأشد ما يكون التألم حينما سمع رثاء جده الإمام الحسين (عليه السلام)، وأغرق في البكاء وبكى معه ولده الإمام الصادق (عليه السلام) كما بكت العلويات من وراء الخباء، ولما بلغ إلى قوله:
وستة لا يتجارى بهم * بنو عقيل خير فرسان ثم علي الخير مولاهم * ذكرهم هيج أحزاني بكى الإمام أبو جعفر (عليه السلام) أشد البكاء، وذكر له ما أعد الله من الثواب الجزيل لمن يذكر أهل البيت، ويحزن لحزنهم، ولما بلغ قوله:
من كان مسرورا بما مسكم * أو شامتا يوما من الآن فقد ذللتم بعد عز فما * أدفع ضيما حين يغشاني أخذ الإمام (عليه السلام) بيد الكميت وأخذ يدعو له قائلا:
" اللهم اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
ولما بلغ قوله:
متى يقوم الحق فيكم متى * يقوم مهديكم الثاني التفت إليه الإمام، وعرفه بأن الإمام المهدي (عليه السلام) هو الإمام المنتظر الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا، وسأله الكميت عن زمان خروجه فقال (عليه السلام): لقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك، فقال: إنما مثله كمثل