جعفر (عليه السلام) ويدين بإمامته وفضله. ويروى أن رجلا نظر إليه وهو راكب والإمام أبو جعفر (عليه السلام) يمشي، فأنكر عليه ذلك وقال له:
أتركب وأبو جعفر يمشي؟!!
فأجابه كثير جواب المؤمن بدينه، المتبصر في عقيدته قائلا:
هو أمرني بذلك، وأنا بطاعته في الركوب أفضل من عصياني إياه بالمشي.. (1).
ودلت هذه البادرة - من شاعرنا - على حسن أدبه، وكمال عقيدته، فإن طاعة الإمام واجبة ليس إلى مخالفتها من سبيل.
واختص كثير ببني مروان فكانوا يعظمونه ويكرمونه ونظم في مدحهم عدة قصائد ذكرت في ديوانه إلا أنه لم يكن في مدحه لهم جادا، ولا مؤمنا بما يقول، وإنما مدحهم طمعا بأموالهم وهباتهم، وكان يسخر منهم فكان يشبههم بالحيات والعقارب، فقد روى المؤرخون أنه وفد على الإمام أبي جعفر (عليه السلام) فقال (عليه السلام) له: تزعم أنك من شيعتنا، وتمدح آل مروان؟!!
فانبرى كثير قائلا:
إنما أسخر منهم، وأجعلهم حيات، وعقارب، ألم تسمع إلى قولي في عبد العزيز بن مروان:
وكنت عتبت معتبة فلجت * بي الغلواء في سن العقاب ويرقيني لك الراقون حتى * أجابك حية تحت الحجاب وفهم ذلك عبد الملك فقال لأخيه عبد العزيز: ما مدحك، إنما جعلك راقيا للحيات. ونقل لي ذلك عبد العزيز فقلت له: والله لأجعلنه حية، ثم لا ينكر ذلك فقلت فيه:
يقلب عيني حية بمجارة * أضاف إليها الساريات سبيلها