التحريف. وهذا كله يستتبع توترات سياسية واجتماعية.
3 - آية على معرفة الإمام (عليه السلام) الدقيقة بالمجتمع وبالنفس الإنسانية وخبرته بزمانه. ويدل هذا الكلام على أنه (عليه السلام) لم ينخدع بانثيال الناس عليه لبيعته في ذلك الجو السياسي السائد يومئذ. وكان يرى مستقبل حكومته بوضوح، وكان يعلم جيدا أن الأرضية غير ممهدة للإصلاحات العلوية، ولإعادة الأمة إلى نهج نبيها (صلى الله عليه وآله) وسيرته وسنته، وكان أدرى من غيره بأن سبب الثورة العامة على عثمان لم يكن من أجل العودة إلى القيم الإسلامية الأصيلة، وأن بعض الثائرين لا سيما من ركب الموجة منهم - كعائشة، وطلحة، والزبير - قاموا بما قاموا به لأسباب سياسية واقتصادية معينة، فالباعث لهم على بيعة الإمام (عليه السلام) لا ينسجم مع هدفه من قبول الحكومة. وإذا ما بلغوا النتيجة الحتمية وأدركوا أن عليا لا يسايرهم ولا يماشيهم ولا يمنح أحدا امتيازا خلاف الحق والعدل، فسيناهضون إصلاحاته، ويجرون المجتمع الإسلامي إلى التفرقة والتشتت (1).
4 - مبايعته مبايعة للأهداف العلوية؛ فمن صافحه وعاهده فعليه أن يكون متأهبا لمرافقته، وملازمته من أجل إزالة التحريفات، وإعادة بناء المجتمع معنويا، وتحكيم الدين تحكيما حقيقيا، وإحياء ما نسيته الأذهان، وكشف الحقائق التي منيت بالتغيير والتبديل...
وأراد (عليه السلام) أن يلقي الحجة على الأمواج البشرية العارمة التي كانت تنادي باسمه للخلافة، وأراد أن يعلمها أنه لا يستهدف من قبول الخلافة إلا بسط العدل، وإقامة الحق، وإحياء دين الله، وهذا هو السبيل لا غيره.