وسعى في إطفاء نوره، وأراد إخماد ذكره " "... اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك، الذين استخلصتهم لنفسكودينك، إذ اخترت لهم جزيل ما عند من النعيم المقيم، الذي لا زوال ولا اضمحلال، بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها، فشرطوا لك ذلك، وعلمت منهم الوفاء به، فقبلتهم وقربتهم، وقدمت لهم الذكر العلي، والثناء الجلي، واهبطت عليهم ملائكتك وأكرمتهم بوحيك، ورفدتهم بعلمك، وجعلتهم الذرائع إليك، والوسيلة الى رضوانك.
فبعض أسكنته جنتك إلى أن أخرجته منها. وبعض حملته في فلكك ونجيته ومن آمن معه من الهلكة برحمتك. و بعض اتخذته خليلا، وسألك لسان صدق في الاخرين فأجبته، وجعلت ذلك عليا. وبعض كلمته من شجرة تكليما، وجعلت له من أخيه ردءا ووزيرا. وبعض أولدته من غير أب، وآتيته البينات، وأيدته بروح القدس.
وكلا شرعت له شريعة، ونهجت له منهاجا، وتخيرت له أوصياء، مستحفظا بعد مستحفظ، من مدة إلى مدة، إقامة لدينك، وحجة على عبادك، ولئلا يزول الحق عن مقره، ويغلب الباطل على أهله، ولا يقول أحد:
لولا أرسلت الينا رسولا منذرا، وأقمت لنا علما هاديا، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخرى...
الى أن انتهيت بالامر إلى حبيبك ونجيبك محمد (صلى الله عليه وآله) فكان كما انتجبته، سيد من خلقته، وصفوة من اصطفيته، وأفضل من اجتبيته، وأكرم من اعتمدته، قدمته على أنبيائك، وبعثته إلى الثقلين من عبادك، واوطأته مشارقك ومغاربك وسخرت له البراق وعرجت به الى سمائك، واودعته علم ما كان وما يكون إلى انقضاء خلقك...
فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون، وإياهم فليندب النادبون، ولمثلهم فلتذرف الدموع، وليصرح الصارخون، ويضج الضاجون، ويعج العاجون.
أين الحسن، أين الحسين، أين أبناء الحسين، صالح بعد صالح، وصادق بعد صادق... أين السبيل بعد السبيل، أين الخيرة بعد الخيرة، أين الشموس الطالعة، أين الأقمار المنيرة، أين الأنجم الزاهرة، أين أعلام الدين، وقواعد العلم...