ان أنذر عشيرتي الأقربين فاصنع لي طعاما واطبخ لي لحما قال علي (ع) فعددتهم فكانوا أربعين قال فصنعت طعاما يكفي الاثنين أو الثلاثة قال فقال: لي المصطفى (ص) هاته فاخذ شظة من اللحم فشظاها بأسنانه وجعلها في الجفنة قال علي (ع) وأعددت لهم عسا من لبن قال ومضيت إلى القوم فأعلمتهم انه قد دعاهم لطعام وشراب قال: فدخلوا وأكلوا ولم يستتموا نصف الطعام حتى تضلعوا قال ولعهدي بالواحد منهم يأكل مثل ذلك الطعام وحده قال ثم أتيت باللبن قال: فشربوا حتى تضلعوا ولعهدي بالواحد منهم يشرب مثل ذلك اللبن وما بلغوا نصف العس قال: ثم قام فلما أراد أن يتكلم أعترض عليه أبو لهب فقال لهذا دعوتنا ثم أتبع كلامه بكلمة ثم قال قوموا فقاموا وانصرفوا كلهم قال: فلما كان من الغد قال: لي يا علي (ع) أصلح لي مثل ذلك الطعام والشراب فأصلحته ومضيت إليهم برسالته قال: فاقبلوا إليه فلما أكلوا وشربوا قام رسول الله (ص) ليتكلم فاعترضه أبو لهب قال: فقال له أبو طالب (ع) أسكت يا أعور ما أنت وهذا قال ثم قال: أبو طالب (ع) لا يقومن أحد قال فجلسوا ثم قال:
للنبي (ص) قم يا سيدي فتكلم بما تحب وبلغ رسالة ربك فإنك الصادق المصدق قال فقال (ص) لهم أرأيتم لو قلت لكم ان وراء هذا الجبل جيشا يريد أن يغير عليكم أكنتم تصدقونني قال: فقالوا كلهم نعم انك لأنت الأمين الصادق فقال لهم فوحدوا لله الجبار واعبدوه وحده بالاخلاص واخلعوا هذه الأنداد الأنجاس وأقروا واشهدوا باني رسول الله إليكم والى الخلق فإني قد جئتكم بعز الدنيا والآخرة قال: فقاموا وانصرفوا كلهم وكأن الموعظة قد عملت فيهم.
أقول عميت عين من قال أن أبا طالب مات كافرا لو لم يكن لأبي طالب (ع) الا هذا الحديث لكفاه شاهدا بايمانه وعظيم حقه على الاسلام وجلاله أمره في الدنيا ودار المقام كما قال: بعض العلماء الأعلام لأنه سبب في تمكين النبي (ص) من تأدية رسالته وتصريحه بقوله له (ص) بلغ رسالة ربك فإنك الصادق المصدق ومثل هذا الخبر كثير وقد والله لولا أبو طالب (ع) لما قامت قائمة لدين محمد (ص) وما أحسن قول بعض أهل الصلاح: