قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له عبادة بن مالك، ثم التقى الناس. قال جابر بن عبد الله لما كان اليوم الذي وقع فيه الحرب بموته صلى بنا رسول الله، صلاة الصبح فلما فرغ من صلاته صعد المنبر وقال، اما بعد يا معاشر المسلمين قد التقى إخوتكم مع المشركين وأقبل يحدثنا بكرات بعضهم على بعض ويحدثنا بكلام يشوقنا إلى الجنة ويحذرنا من النار " إلى أن قال قتل من المشركين كذا وكذا وقتل من المسلمين فلان وفلان إلى أن قال قتل زيد بن حارثة وسقطت الراية من يده واخذها جعفر ابن أبي طالب وتقدم بها إلى الحرب، ثم قال سقطت يدا جعفر اليمنى واخذ الراية في يده اليسرى، ثم قال قطعت يد جعفر اليسرى واخذ الراية في يديه المقطوعتين، ثم قال قتل جعفر واخذ الراية خالد بن الوليد وبطل الحرب بينهم، ثم نزل من المنبر وقد اخذه المغص في بطنه ودخل منزل جعفر، وقال يا أسماء اتيني بولد جعفر محمد وعون وعبد الله، فاتت بهم إليه فجعل صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على رؤوسهم ثم بكى فقالت أسماء يا رسول الله أراك تمسح على رؤوسهم كأنهم يتامى، فقال نعم يا أسماء قد استشهد ابن عمي جعفر اليوم ثم دمعت عيناه وقال قطعت يداه قبل وفاته فأبدله الله جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء في جنان الخلد.
ويروى ان أسماء قالت يا رسول الله ألا جمعت المهاجرين والأنصار وأنبأتهم بفضل جعفر حتى لا ينسى فضله فقال صلى الله عليه وآله وسلم يا أسماء كل من مات شهيدا لا ينسى فضله وفي بعض الروايات، قال بعض من حضر والله لكأني أنظر إلى جعفر حين أخذ الراية قاتل بها حتى التحم عن فرس كانت له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل، وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام، ويروى ان جعفرا عدت جراحاته فكانت اثنين وسبعين جراحة، ونسبت هذه القصيدة لكعب بن مالك يرثي بها جعفر ابن أبي طالب عليه السلام:
هدت العيون ودمع عينك يهمل * وكفاكما وكف الضباب المخضل فكأنما بين الجوانح والحشا * مماتا وبني شهاب مدخل وجدا على النفر الذين تتابعوا * يوما بموتة أسندوا لم ينقلوا