حتى إذا أكمل الدين قبضه الله إليه من غير أن يستخلف أحدا من بعده والاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم من وثقوا برأيه وأن للمسلمين بنبيهم أسوة حسنة وهو لم يستخلف أحدا لئلا يجري ذلك في أهل بيت واحد إرثا دون المسلمين ولئلا يقول المستخلف أن هذا الأمر باق في عقبه من ولد إلى ولد والذي يجب على المسلمين عند مضي خليفة من الخلفاء أن يجتمع ذوي الرأي والصلاح منهم فيشاورا في أمورهم فمن رأوه مستحقا ولوه فإن ادعى مدع أن رسول الله استخلف رجلا بعينه ونص عليه باسمه ونسبه فقد أبطل في قوله وخالف جماعة المسلمين وإن قال أن خلافته إرث فقد أحال في قوله لأن رسول الله قال نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة وإن قال أنها لا تصلح إلا لرجل واحد لأنها تتلو النبوة فقد كذب لأنه قال (ص) أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، وإن قال أنه مستحق لها بقربة من رسول الله فليس له لأن الله يقول: " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " وقد قال رسول الله: من جاء إلى أمتي وهم جمع ففرق بينهم فاقتلوه ولا تجتمع أمتي على ظلال أبدا، وان المسلمين يد واحدة على من سواهم فإنه لا يخرج عن جماعة المسلمين إلا مفارق معاند لهم ومظاهر عليهم أعداءهم وقد أباح الله ورسوله دمه وأحل قتله، وكتب سعيد بن العاص باتفاق من أثبت اسمه وشهادته آخر الصحيفة في محرم سنة عشر من الهجرة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وسلم، قال ثم دفعت الصحيفة إلى أبي عبيدة بن الجراح فوجه بها إلى مكة فلم تزل الصحيفة في الكعبة مدفونة إلى أن ولي الأمر عمر فاستخرجها من موضعها وهي الصحيفة التي قال أمير المؤمنين عند موت عمر: ما أحب إلي أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى، قال حذيفة ثم انصرفوا وصلى رسول الله (ص) بالناس صلاة الفجر ثم التفت إلى أبي عبيدة بن الجراح فقال (ص): بخ بخ من مثلك لقد أصبحت أمين هذه الأمة وتلي صلى الله عليه وآله: " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون " لقد أشبه هؤلاء في هذه الأمة هؤلاء ليستخفوا من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا، ثم قال أصبح
(٧٦)