وردهما ثم قال لهما النبي (ص) متجهما لهما يا بن أبي قحافة ويا عمر بايعا عليا بالولاية من بعدي فقالا: أمر من الله ومن رسوله فقال (ص) وهل يكون مثل هذا من غير أمر الله ورسوله نعم أمر من الله ومن رسوله، فبايعا عليا ثم انصرفا، وسار رسول الله باقي يومه وليلته حتى إذا دنوا من العقبة تقدمه القوم فتواروا في ثنية العقبة وقد حملوا معهم دبابا وطرحوا فيها الحصى، قال حذيفة فأمرني رسول الله أن أقود ناقته وعمار يسوقها حتى إذا صرنا في رأس العقبة ثار القوم من ورائنا ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة فذعرت وكادت ان تنفر برسول الله (ص) فصاح بها النبي: ان اسكني وليس عليك بأس فأنطقها الله تعالى بلسان عربي فصيح فقالت: والله يا رسول الله ما أزلت يدا عن مستقر يد ولا رجلا عن موضع رجل وأنت على ظهري، فتقدم القوم ليدفعوا الناقة فأقبلت انا وعمار فضرب وجوههم بأسيافنا وكانت ليلة مظلمة فولوا هاربين فقلت فقلت يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين يريدون ما ترى فقال يا حذيفة هؤلاء المنافقون في الدنيا والآخرة فقلت ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتون برؤوسهم فقال إن الله أمرني أن أعرض عنهم وكره أن يقول الناس دعا أناسا إلى دينه فاستجابوا له فقاتل بهم حتى ظهر على عدوه ثم أقبل عليهم فقتلهم، ولكن دعهم يا حذيفة فإن الله لهم بالمرصاد وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ وسماهم لي وقد كان فيهم أناس أكره أن يكون منهم فأمسكت عن ذلك فقال (ص): كأنك شاك يا حذيفة في بعض من سميت إرفع رأسك إليهم فرفعت طرفي إلى القوم وهم وقوف على الثنية فبرقت برقة فأضاءت جميع ما حولنا وثبتت البرقة حتى خلتها الشمس الطالعة فنظرت إلى القوم وإذا هم كما قال رسول الله (ص) أربعة عشر رجلا تسعة من قريش وخمسة من سائر الناس وهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ومعاوية بن أبي سفيان وعمر بن العاص هؤلاء من قريش وأما الخمسة الأخر فأبو موسى الأشعري والمغيرة ابن شعبة الثقفي وأوس بن الحدثان البصري وأبو هريرة وأبو طلحة الأنصاري، قال حذيفة فانحدرنا من العقبة وقد طلع الفجر فنزل رسول الله وتوضأ وانتظر أصحابه
(٧٤)