يكون منها فيه ومن صاحبتها حفصة وأبويهما فلم تلبث أن أخبرت حفصة وأخبرت كل واحدة منهما أبويهما فاجتمعا فأرسلا إلى جماعة الطلقاء والمنافقين فخبراهم بالأمر فأقبل بعضهم على بعض وقالوا: ان محمد يريد أن يجعل هذا الأمر في أهل بيته كسنة كسرى وقيصر إلى آخر الدهر ولا والله ما لكم في الحياة من حظ أن أفضى هذا الأمر إلى علي ابن أبي طالب وأن محمدا عاملكم على ظاهركم وأن عليا يعاملكم على ما يجد في نفسه منكم فأحسنوا النظر لأنفسكم في ذلك وقدموا آراءكم فيه ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأجالوا الرأي فاتفقوا على أن ينفروا بالنبي ناقته على العقبة فتحالفوا وتعاقدوا على ذلك وكان من عزم رسول الله أن يقيم عليا (ع) وينصبه للناس بالمدينة إذا قدم فسار رسول الله يومين وليلتين فلما كان اليوم الثالث أتاه جبرئيل بآخر سورة الحجر فقال اقرأ: " ولنسألنهم أجمعين عما كانوا يفعلون، فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين " قال ورحل رسول الله (ص) وأعد السير مسرعا على دخول المدينة لينصبه (ع) علما للناس فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرئيل في آخر الليل فقرأ عليه: " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين " وهم الذين هموا برسول الله فقال (ص) أخي جبرئيل أعد السير مجدا فيه لأدخل المدينة فأعرض ولايته على الشاهد والغائب فقال له جبرئيل ان الله يأمرك أن تعرض ولاية علي غدا إذا نزلت منزلك فقال (ص) نعم يا جبرئيل غدا أفعل إن شاء الله تعالى وأمر رسول الله (ص) بالرحيل من وقته وسار الناس معه حتى نزل بغدير خم وصلى بالناس وأمرهم أن يجتمعوا إليه ودعا عليا " ع " ورفع رسول الله (ص) يد علي اليسرى بيده ورفع صوته بالولاء لعلي على الناس أجمعين وفرض طاعته عليهم وأمرهم أن يختلفوا عليه وخبرهم أن ذلك عن أمر الله عز وجل وقال لهم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى يا رسول الله فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره واخذل من خذله ثم أمر الناس أن يبايعوه، فبايعه الناس جميعا ولم يتكلم منهم أحد وقد كان أبو بكر وعمر تقدما إلى الجحفة فبعث
(٧٣)