وهم يبكون، فقال له ولده الحسن ما دعاك إلى هذا؟ فقال له يا بني اني رأيت جدك رسول الله (ص) في منامي قبل هذه الكاينة بليلة فشكوت إليه ما أنا فيه من التذلل والأذى من هذه الأمة، فقال لي ادع عليهم، فقلت اللهم أبدلهم بي شرا مني، وأبدلني بهم خيرا منهم، فقال قد استجاب الله دعاك، سينقلك إلينا بعد ثلاث، وقد مضت الثلاث، يا أبا محمد أوصيك بأبي عبد الله خيرا، فأنتما مني وأنا منكما.
ثم التفت إلى أولاده الذين هم من غير فاطمة وأوصاهم ان لا يخالفوا أولاد فاطمة - يعني الحسن والحسين -.
ثم قال أحسن الله لكم العزاء، ألا واني منصرف عنكم وراحل في ليلتي هذه ولاحق بحبيبي محمد (ص) كما وعدني، فإذا أنا مت فغسلني وكفني وحنطني ببقية حنوط جدك رسول الله (ص) فإنه من كافور الجنة جاء به جبرئيل (ع) إليه، ثم ضعني على سريري، ولا يتقدم أحد منكم يحمل السرير واحملوا مؤخره واتبعوا مقدمه فأي موضع وضع المقدم فضعوا المؤخر، فحيث أقام سريري فهو موضع قبري، ثم تقدم يا أبا محمد وصل علي، يا بني يا حسن وكبر علي سبعا، واعلم أنه لا يحل ذلك لأحد غيري، إلا على رجل يخرج في آخر الزمان اسمه القائم المهدي من ولد الحسين عليه السلام يقيم إعوجاج الحق، فإذا أنت صليت علي يا حسن فنح السرير عن موضعه، ثم اكشف التراب عنه فترى قبرا محفورا ولحدا مثقوبا وساجة منقورة، فاضجعني فيها، فإذا أردت الخروج من قبري فافتقدتني، فإنك لا تجدني واني لاحق بجدك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واعلم يا بني ما من نبي يموت وان كان مدفونا بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب، إلا ويجمع الله عز وجل بين روحيهما وجسديهما ثم يفترقان، فيرجع كل واحد منهما إلى موضع قبره والى موضعه الذي حط فيه، ثم اشرج اللحد وأهل التراب علي، ثم غيب قبري، ثم يا بني بعد ذلك إذا أصبح الصباح أخرجوا تابوتا إلى ظهر الكوفة على ناقة وأمر بمن يسيرها بما بان يسيرها كأنها تريد المدينة، بحيث يخفى على العامة موضع قبري الذي تضعني فيه، وكأني بكم وقد خرجت عليكم الفتن من ها هنا وها هنا! فعليكم بالصبر، فهو العاقبة.