السنن وأبرت الفتن واستقام الاسلام وانتظم الايمان، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام بك اشتد ظهر المؤمنين واتضحت أعلام السبل وأقيمت السنن، وما جمع لأحد مناقبك وخصالك سبقت إلى إجابة النبي (ص) مقدما مؤثرا وسارعت إلى نصرته ووقيته بنفسك ورميت بسيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر وقصم الله بك كل جبار عنيد، وذل بك كل ذي بأس شديد وهدم بك حصون أهل الشرك والبغي والكفر والعدوان والردى، وقتل بك أهل الضلال من العدا، فهنيئا يا أمير المؤمنين كنت أقرب الناس من رسول الله، وأقلهم سلما وأكثرهم علما وفهما، فهنيئا لك يا أبا الحسن لقد شرف الله مقامك، وكنت أقرب الناس إلى رسول الله (ص) نسبا، وأولهم إسلاما وأكثرهم علما وأوفاهم يقينا وأشدهم قلبا وأبذلهم لنفسه مجاهدا وأعظمهم في الخير نصيبا، فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر، وان يومك هذا مفتاح كل شر، ومغلاق كل خير، ولو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة، ثم بكى بكاء شديدا وأبكى كل من كان معه، وعدلوا إلى الحسن والحسين (ع) ومحمد وجعفر والعباس وعون وعبد الله عليهم السلام فعزوهم في أبيهم " ع " وانصرف الناس ورجع أولاد أمير المؤمنين (ع) وشيعتهم ولم يشعر بهم أحد من الناس.
فلما طلع الصباح وبزغت الشمس أخرجوا تابوتا من دار أمير المؤمنين وأتوا به إلى المصلى بظاهر الكوفة، ثم تقدم الحسن (ع) وصلى عليه ورفعه على ناقة وسيرها مع بعض العبيد.
قال الراوي: ثم رجع أولاد أمير المؤمنين " ع " إلى الكوفة واجتمعوا لقتل اللعين ابن ملجم فقال عبد الله بن جعفر اقطعوا يديه ورجليه ولسانه واقتلوه بعد ذلك وقال محمد بن الحنفية: اجعلوه غرضا للنشاب واحرقوه، وقال آخر اصلبوه حيا، حتى يموت، فقال الحسن (ع) أنا ممتثل فيه ما أمرني به أمير المؤمنين (ع) أضربه ضربة بالسيف حتى يموت وأحرقه بالنار بعد ذلك، فأمر الحسن " ع " ان يأتوه به، فجاؤوا به مكتوفا حتى أدنوه من الموضع الذي ضرب فيه الامام " ع " والناس يلعنونه