تحت ثيابك لعلك أنت قاتل أمير المؤمنين، فأراد ان يقول لا فأنطق الله لسانه؟ فقال نعم! فرفعت سيفي وضربته فرفع هو سيفه وهم ان يعلوني فضربته على ساقيه فأوقفته ووقع لحينه ووقعت عليه وصرخت صرخة شديدة وأردت اخذ سيفه فمانعني عنه فخرج أهل الجادة فأعانوني عليه حتى أوثقته كتافا، وجئتك به فها هو بين يديك، جعلني الله فداك، فاصنع به ما شئت.
فقال الحسن " ع ": الحمد لله الذي نصر وليه وخذل وليه، ثم انكب على أبيه " ع " يقبله وقال له: يا أبتاه هذا عدو الله وعدوك قد أمكن الله منه، فلم يجبه، وكان نائما فكره ان يوقظه، ثم فتح عينيه وهو يقول: ارفقوا بي يا ملائكة ربي، فقال الحسن " ع " هذا عدو الله وعدوك ابن ملجم قد أمكن الله منه وقد حضر بين يديك.
قال: ففتح " ع " عينيه ونظر إليه وهو مكتوف وسيفه في عنقه، فقال له بضعف وانكسار وصوت رأفة ورحمة: يا هذا لقد ارتكبت أمرا عظيما وخطبا جسيما، أبئس الامام كنت لك حتى جازيتني بهذا الجزاء؟ ألم أكن شفيقا عليك وآثرتك، على غيرك؟
وأحسنت إليك وزدت في عطائك؟ ألم يكن لي فيك كذا وكذا؟ وخليت لك السبيل ومنحتك عطائي وقد كنت أعلم انك قاتلي لا محالة؟ ولكن رجوت الاستظهار من الله تعالى عليك يا لكع، وعلى ان ترجع عن غيك، فغلبت عليك الشقاوة فتقتلني يا شقي الأشقياء.
قال: فدمعت عينا ابن ملجم لعنه الله وقال يا أمير المؤمنين أفأنت تنقذ من في النار؟ قال له صدقت.
ثم التفت إلى ولده الحسن " ع " وقال له: ارفق يا ولدي بأسيرك وارحمه وأحسن إليه، ألا ترى إلى عينيه قد طارتا في أم رأسه وقلبه يرجف خوفا ورعبا وفزعا؟
فقال له الحسن " ع " يا أبتاه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وأفجعنا فيك وأنت تأمرنا بالرفق به؟ فقال له: نعم يا بني نحن أهل بيت لا نزداد على المذنب علينا إلا كرما وعفوا الرحمة والشفقة من شيمتنا، بحقي عليك أطعمه يا بني مما تأكل واسقه مما تشرب، ولا تقيد له قدما ولا تغل له يدا، فان أنا مت فاقتص منه، بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة